كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 2)

الجملة. كأنك قلت: قد علمت علمًا زيدًا قائمًا. وكذلك بقية هذه الأفعال حكمها هذا الحكم.
فإن توسطت هذه الأفعال كلها بين هذين الاسمين كنت مخيرًا بين نصبهما ورفعهما. ونصبهما أجود لقرب الفعل من رتبته. مثال نصبهما: زيدًا علمت قائمًا. فزيد مفعول أول, وقائم مفعول ثان, وعلمت عمل فيهما. ومثال رفعهما: زيد علمت قائم. فزيد مبتدأ, وقائم الخبر, وعلمت ملغي. وإنما ألغي لأنه جعل في تأويل الظرف, كأنه قال: زيد في علمي قائم.
وكذلك إذا قلت: زيد ظننت منطلق, أي زيد في ظني منطلق. فكما أن الظرف هنا لا يعمل / شيئًا فكذلك الجملة الواقعة موقعه في هذا, وفي [67] جميع هذه الأفعال.
فإن وقعت هذه الأفعال كلها أخيرًا جاز أيضًا وجهان, أجودهما الإلغاء لبعد الفعل عن رتبته. مثال الإلغاء: زيد منطلق علمت, أي زيد منطلق في علمي. ومثال الأعمال: زيدًا منطلقًا علمت. وكذلك الباقي.
ولما كان أصل هذين المفعولين من المبتدأ والخبر لم يجز حذف أحدهما والاقتصار على الآخر. كما لا يجوز الاقتصار على المبتدأ دون الآخر, ولا على الخبر دون المبتدأ, كذلك لا يجوز في علمت زيدًا منطلقًا «علمت زيدًا» , ولا «علمت منطلقًا» وأنت تريد علم القلب. فإن أردت علم المعرفة جاز, لأن علم المعرفة يتعدي إلى مفعول واحد, قال الله سبحانه (لا تعلمونهم الله يعلمهم) أي لا تعرفونهم الله يعرفهم.
وكذلك الظن إن كان بمعنى الشك تعدى إلى مفعولين, ولم يجز الاقتصار على أحدهما كفعل العلم, لأن الظن تغليب القلب على أحد مجوزين ظاهري

الصفحة 357