كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 2)

لهذا معنى, [فلذلك لم يجز]. ومن ها هنا ساغ الاقتصار على أحد المفعولين. أما على الأول فتقول: أعطيت زيدًا, وأما على الثاني فتقول: أعطيت درهمًا, لأنه لما لم يلزم الجمع بينهما قبل دخول العامل عليهما لم يلزم الجمع بينهما بعد دخول العامل عليهما لزوم ما أصله المبتدأ والخبر. وقد يجوز حذفهما جميعًا, فتقول: أعطيت. فمتى حذفتهما جميعًا فهو غاية في الإبهام. ومتى ذكرتهما جميعًا فهو غاية في البيان. ومتى اقتصرت على أحدهما فهو توسط في البيان. وذلك كله بحسب ما تدل عليه القرائن. وفي كتاب الله سبحانه (إنا أعطيناك الكوثر) , فالمفعولان مذكوران. وفيه (وآتينا داود زبورا) , فالمفعولان أيضا مذكوران. وفيه (وارزقوهم فيها واكسوهم). فاحد مفعولي الكسوة والرزق محذوف, أي اكسوهم مما تلبسون وارزقوهم مما تتناولون. وفيه (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا) فأحد المفعولين محذوف تقديره استغفروه ذنوبكم. وفيه (واستغفره إنه كان توابًا) , على هذا الحكم أيضًا. فأما قوله تعالى (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا) , فيؤت ههنا فيه ذكر مفعوليه جميعًا, لأن المفعول الأول كان منصوبًا ولكنه قام مقام الفاعل

الصفحة 362