كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 2)

مثل: مررت بزيد, ونزلت على عمرو. فهذا مفعول مجرور في لفظه, منصوب في تقديره. يدلك على ذلك أنه يجوز أن تعطف عليه بالمنصوب والمجرور فتقول: مررت بزيد وعمرو وعمرًا. ويلحق بهذا ما يتعدى تارة بنفسه وتارة بحرف جر, مثل: شكرت زيدًا, وشكرت له. وكلته, وكلت له. ووزنته, ووزنت له. ورجعته ورجعت إليه».
قال الشيخ رحمه الله: وجملة الأمر أن الفعل يتعدى تارة بنفسه, وتارة بغيره, بحسب قوته وضعفه ودلالة وضعه. فالمتعدي بنفسه قد تقدم ذكره. والذي يتعدى بواسطة, فجملة الوسائط ثلاث. واسطة مقدمة في أول الفعل كالهمزة من قولك: قام زيد, وأقمت زيدًا, وخرج عمرو, وأخرجته. وواسطة في وسط [الفعل] , وهو التضعيف, مثل فرح زيد, وفرحته أنا, وحزن زيد, وحزنته. وواسطة من بعده كحروف الجر. نحو مررت بزيد, ونزلت على عمرو. كل واحد من هذه يعدي الفعل, إلا أن تعديته بحرف جر تعدية إضافة, فلذلك كان مجرورًا. وتعديته بالهمزة أو التضعيف تعدية بنية, فلذلك كان كان المعمول منصوبًا. ولذلك لا يجوز أن تجمع بين الهمزة وحرف الجر, لا يجوز: أمررت بزيد, ولا: أنزلت على عمرو, إلا أن تأتي بكلام يقتضيه فتقول: أمررت فلانًا بزيدٍ, وأنزلت فلانًا على عمرو. فإن حذفت ذلك وأنت تريده لم يمتنع.
وكذلك إذا حذفت الجار والمجرور, وبقيت المنصوب لم يمتنع, فقلت: أمررت زيدًا. فأما الجمع بين الهمزة والتضعيف فلا يجوز بحال لأن الهمزة تقتضي وزن «أفعل» , والتضعيف يقتضي وزن «فعل» فلا يجتمعان لاختلاف البناءين:
فقد ظهر لك بهذا أن الجار والمجرور في «مررت بزيد» في موضع نصب

الصفحة 368