كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 2)

وأظهر, ونحوه فيعمل في مصادر هذه الأفعال الزائدة, وتضيف هذه المصادر إلى التعجب منه فتقول: ما أشد دحرجته, وما أبين احمراره, وما أكشف حوله, وما أشد سواد الثوب. ولا يقال: ما أسود الثوب, لأن فعله مما يزيد على الثلاثة مثل: أسود.
وإن كان فعل التعجب [مما] يتعدى إلى مفعولين كان في هذا الباب يتعدى إلى واحد وإلى آخر بحرف جر, مثل: ما أبصر زيدًا لعمرو, وما أ'لم زيدًا بالشيء. لأنا قد أصلنا أن فعل التعجب لا يتعدى إلا إلى واحد ولا ينصب مصدرًا, لا يجوز ما أحسن زيدًا إحسانًا, لأنه لا يتصرف فلا يؤكد, ولذلك لا يتقدم مفعوله عليه, ولا على «ما» , ولا يفصل بينه وبين فعل التعجب بظرف ولا غيره عند كثير من النحويين, مثل: ما أحسن عندك زيدًا, والصواب ما أحسن زيدًا عندك. كل هذا لأنه قد ألزم طريقة واحدة من ترك التصرف وجرى مجرى المثل.
وأما الصيغة الأخرى وهي صيغة أفعل به مثل: أكرم بزيد وأحسن بعمرو. فلفظه / لفظ الأمر وليس بأمر, إنما هو خبر في المعنى. فإذا قلت: أكرم بزيد, إنما هو بمنزلة كرم زيد جدًا, و «أكرم» فعل يحتاج إلى فاعل, وفاعله عند المحققين هو الجار والمجرور, أعني «بزيد» , لأن الجار والمجرور قد جاء فاعلًا في مثل: (كفى بالله حسيبًا) , أي كفى الله حسيبا. وفي مثل: ما جاءني من أحد, أي: ما جاءني أحد, وكذلك الجار والمجرور هنا فاعل, ولكن الباء

الصفحة 381