كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 2)

رتب في المقدمة, لأن القصد في المقدمة تسهيل البيان على القاري وأوردها ها هنا على قضية الترجمة, فلا فائدة في إعادة الكلام على شيء من ذلك إلا ما لم يمض أصله.
***
في ذلك أن ما كان من الصفات المشبهة بأسماء الفاعلين بوزن أفعل من كذا - لفظًا أو تقديرًا - فإنه لا يرفع الظاهر, وإنما يرفع المضمر, وينصب التمييز لا غير, ويجر بحكم الإضافة فيما تصح فيه الإضافة. مثال ذلك: زيد خير منك, فزيد مبتدأ, وخير منك الخبر, وفاعل «خير» مضمر مستتر فيه, مرفوع به, يرجع على «زيد». و «منك» جار ومجرور متعلق بخير كتعلقه بأفعل في قولك: زيد أفضل منك. فهذا عمله في المضمر الرفع, وفي الجار والمجرور النصب. فإن قلت: زيد خير منك أبا, وخير أبا منك, فهو الناصب للتمييز. فإن رفعت هذا السبب وقلت: زيد خير منك أبوه, على أن يكون «أبوه» فاعل «خير» , كما يكون «الوجه» في قولك: زيد حسن وجهه, لم يجز لأن «أفعل» لا يرفع الظاهر, وإنما يرفع المضمر. وإنما لم يرفع الظاهر لأنه نقص عن حكم الصفة في التثنية والجمع والتأنيث, الذي يجوز كله في الصفة. فلما نقص ذلك بطل حكم رفعه للظاهر وقصر على المضمر.
والعلة التي لأجلها امتنع «أفعل» من التثنية والجمع والتأنيث أن «أفعل» متضمن معنى الفعل والمصدر. إذا قلت: زيد أفضل منك, أو خير منك, فمعناه زيد يزيد فضله عليك. فيزيد فعل, وفضله مصدر, وكل منهما لا يجوز

الصفحة 397