كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 2)

فإن العلة في امتناع المضمرات من الصفات أنها لا تضمر إلا وقد عرف, فاستغنت عن الوصف وامتنعت منه.
وأما الصفات فلم توصف لأن الصفات مشتقات من الأفعال ومتحملات للضمائر. فكما أن الأفعال لا توصف فكذلك لا توصف الصفات. فإذا قلت: مررت بالكاتب النبيل, فليس النبيل نعتًا للكاتب, وإنما هو نعت لمن نعت بالكاتب, كأنك قلت: مررت بالرجل الكتاب النبيل. فإن شئت جعلت «النبيل» صفة للموصوف المحذوف فيكون صفة بعد صفة. وإن شئت أنزلت «الكاتب» منزلة الاسم المحذوف ووصفته لأن الصفة والموصوف كالشيء الواحد. وإذا فعلت ذلك لم تكن واصفًا لنفس الصفة, وإنما أنت واصف الموصوف مع صفته.
[قال الشيخ رحمه الله]: وأما قولنا: «وكل المعارف توصف بالمفردات دون الجمل».
فإن العلة في امتناع وصف المعارف بالجمل أن الجمل نكرات, والنكرة لا تكون نعتًا للمعرفة, فلذلك لا يجوز: مررت بزيد وجهه حسن, وأنت تريد الصفة لما ذكرنا. فإن أردت ذلك فأدخل «الذي» واجعل الجملة صلة «الذي» , فتقول: مررت بزيد الذي وجهه حسن, فتكون قد توصلت إلى وصف المعارف بالجمل بدخول واسطة, كما توصلت إلى الوصف بالأجناس بـ «ذي» التي بمعنى «صاحب». وهذا هو الأصل في استعمالهم «الذي» و «التي» وتثنيتهما وجمعهما [فاعرف ذلك].

الصفحة 416