كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 2)

اشتمال لأن الأخدود هو الشق في الأرض, والنار فيه, فكان من بدل الاشتمال. والفرق بين بدل البعض وبدل الاشتمال من وجهين. أحدهما: أن بدل الاشتمال يكون بالمعاني وما يتنزل منزلة المعاني, من نحو الحسن والعقل, وما أشبه ذلك. وبدل البعض إنما يكون جزءًا من المبدل منه, لا معنى فيه. والفرق الآخر أن بدل الاشتمال تذهب النفس إلى معرفته وإن لم يذكر, ألا ترى أنك لو قلت: أعجبني زيد, وسكت لفهم منك أنه إنما أعجبك معنى فيه, لا من حيث هو لحم ودم. ولا تقول مثل ذلك وأنت تريد عضوًا من أعضائه, ولا جزءًا من أجزائه. فقد افترق ما بينهما, وصار كل واحد من البدلين غير الآخر.
وأما بدل الغلظ فلا يكون في القرآن, ولا في كلام فصيح. والأولى في مثله إذا وقع وسبق إلى اللسان ما لم يقصده المتكلم أن تأتي ببل, فتقول في قولك: رأيت رجلًا حمارًا, رأيت رجلًا بل حمارًا, فتأتي ببل ليعلم أنك غالط. والله الموفق للصواب.

الصفحة 428