كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 2)

من حرف واحد ففصلت.
فقد صار في جملة الأمر أن «ما» إذا كانت اسمًا غير استفهامية كتبت منفصلة مع ما هو أكثر من حرف واحد. وإذا كانت حرفًا, أو استفهامًا, أو مع حرف كتبت متصلة. فعلى هذا تقول: أين ما وعدتنا, فتفصلها لأنها بمعنى «الذي» , وأينما تعدنا تكن, فتصلها لأنها ها هنا حرف وليست باسم. وقد كتبت وهي بمعنى «الذي» في مواضع متصلة, وذلك مع «من» و «عن» لأجل الإدغام والأجود فصلها. تقول: صفحت عن ما صفحت عنه, وعما صفحت عنه. وهربت من ما هربت منه, ومما هربت منه. وإنما كان فصلها أجود كما يكون مع غير هذين الحرفين من نحو «في» , تقول: قد قلت في ما قلت. والعلة في جواز وصلها هو ما اقتضاه اللفظ من إدغام النون في الميم, فلما أدغمت فيها وصلت بها. وليس الإدغام عندنا بموجب للإتصال. ألا ترى أن التنوين يدغم في الميم في مثل (على أمم ممن معك) , ولا يوجب الإدغام وصل هذه الأشياء فاعرف ذلك.
قال الشيخ [رحمه الله]: و «كلما» إذا كانت ظرفًا كتبت معها «ما» متصلة مثل: كلما قمت قمت. وإن كانت اسمًا كتبت «ما» منفصلة مثل: كل ما عندي لك. لأن «ما» ها هنا اسم بمعنى «الذي». وكذلك كل ما في الدنيا فان وليست كذلك إذا كانت ظرفًا.
وهذا الكلام على وصل ما وفصلها.
فإما «لا» فتكتب متصلة مع «أن» إذا كانت [أن] ناصبة للفعل. ومنفصلة إذا لم تكن ناصبة [له] , مثل [قوله سبحانه] (وحسبوا ألا تكون فتنة)

الصفحة 456