كتاب شرح المعلقات التسع

والمكلل المتبسم بالبرق ولك أن تقول: قال النحويون: لا ترخم النكرة فكيف جاز ترخيم صاحب وهو نكرة، قال سيبويه لا ترخم من النكرات إلا ما كان في آخره هاء كقوله:
حاري لا تستنكري عذيري
فالجواب أن أبا العباس قال لا يجوز أن ترخم نكرة ألبته، وأنكر على سيبويه ما قال: من أن النكرة ترخم، إذا كانت فيها الهاء، وزعم أن قوله:
جاري لا تستنكري عذيري
أنه يريد بأنها الجارية، ثم رخم على هذا معرفة، وكذلك في قوله صاح ترى كأنه قال أيها الصاحب ثم رخم على هذا ومما يسأل عنه في هذا البيت أن يقال كيف جاز أن يسقط حرف الاستفهام، وإنما المعنى أترى برقا؟ فإن قال قائل: إن الألف في قوله أصاح هي ألف الاستفهام فهذا خطأ لأنه لا يجوز أن يقول صاحب أقبل لأنك تسقط بين شيئين ألا ترى إذا قلت يا صاحب فمعناه أيها الصاحب؟ فالجواب عن هذا إن قوله أصاح: الألف للنداء كقولك يا صاح إلا أنها دلت على الاستفهام وقد أجاز النحويون: زيد عندك أم عمرو يريدون أزيد عندك أم عمرو؛ لأن أم دلت على معنى الاستفهام.
وأما بغير دلالة فلا يجوز، لأنك لو قلت: زيد عندك وأنت تريد الاستفهام لم يجز وقد أنكروا على عمر بن أبي ربيعة:
ثم قالوا: تحبها قلت بهرا ... عدد الرمل والحصا والتراب
قالوا لأنه أراد: قالوا: أتحبها ثم أسقط ألف الاستفهام وهذا عند أبي العباس ليس باستفهام إنما هو على الإلزام والتوبيخ كأنه قال: قالوا أنت تحبها! وقال بعضهم: الحبي الداني من الأرض، وقيل الحبي الذي قد حبى بعضه إلى بعض: أي تدانى، والمكلل من السحاب الذي علا بعضه على بعض.
ويقال المكلل السحاب الذي قد كلل بالبرق.

الصفحة 172