كتاب شرح المعلقات التسع

الكشح منقطع الأضلاع، والكاشح: العدو المضمر العدواة في كشحه، وقيل هو من قولهم كشح يكشح كشحا إذا أدبر، وولى، فسمي العدو كاشحا لإعراض قلبه عن الود. يقال طوى كشحه على كذا: أي أضمره في صدره، والاستكنان طلب الكن، والاستكنان الإستتار ومعنى البيت: وكان طوى الكشح على فعلة أكنها في نفسه، فلم يظهرها ويروى ولم يتجمجم أي ولم يدع التقدم على ما أضمر، وكان هرم بن ضمضم قتله ورد بن حابس فقتله حصين به، والمستكنة يعنى فعلة مكتومة وهي الغدرة.
وقال أبو العباس هذا بإضمار قد، ومعناه، وكان قد طوى كشحا؛ لأن كان فعل ماض عنه إلا باسم، أو بما ضارع الاسم وأيضاً، فإنه لا يجوز كان زيد قام، لأن قولك زيد قام يغنيك عن كان، وخالفه أصحابه في هذا فقالوا الفعل الماضي قد ضارع أيضا، فهو يقع خبر لكان كما يقع الاسم، والفعل المستقبل، وأما قوله إن قولك زيد قام يغني عن كان، فإنه يجيء بكان لتوكيد أن الفعل ماض.
وقوله على مستكنة أي على حالة مستكنة، فلا هو أبداها أي فلم يبدها؛ أي لم يظهرها، ومثله (فلا صدق ولا صلى) فلم يتصدق ولم يصل ولا يجيز النحويون ضربت زيدا. ولا ضربت عمرا، لئلا يشبه الثاني الدعاء ولا يجوز أن يكون المعنى ضربت زيدا، ولم أضرب عمرا لأن هذا إنما يكون إذا كان في الكلام دليل عليه كما قال تعالى (ولكن كذب وتولى) فمعنى لكن يدل على أن لا في قوله فلا يصدق ولا صلى بمعنى لم يصدق ولم يصل.

وقال سأقضي حاجتي ثم أتقي ... عدوي بألف من ورائي ملجم
فمن روى الجيم ملجم أراد بألف فرس ومن روى بكسرها أي بألف فارس

الصفحة 205