كتاب شرح المعلقات التسع

وكقول الآخر:
فقد تركتك ذا ... مال وذا نشب
وهما بمعنى واحد، وزعم أبو العباس أنه لا يجوز أن يتكرر شيء إلا وفيه فائدة قال والنأي لما قل، والبعد لا يقع إلا لما كثر، والنشب ما ثبت من المال كالدار وما أشبهها يذهب إلى أنه نشب ينشب، وكذلك قال في قوله تعالى (شرعة ومنهاجا) الشرعة: ما ابتدى من الطريق، والمنهاج الطريق المستقيم. وقال غيره: الشرعة والمنهاج واحد: وهما الطريق، ويعني بالطريق هنا الدين.

حلت بأرض الزائرين، فأصبحت ... عسرا علي طلابك ابنة محرم
وروى أبو عبيدة:
شطت مزار العاشقين فأصبحت ... عسرا علي طلابك ابنة مخرم
والزائرون: الأعداء كأنهم يزأرون كما يزأر الأسد، وعسرا منصوبة على أنه خبر أصبحت، وطلابها مرفوع به، واسم أصبحت مضمر فيه، ويجوز أن يكون عسر رفع على أنه خبر الابتداء، ويضمر في أصبح، ويكون المعنى، فأصبحت طلابها عسر علي ونصب ابنة مخرم على أنه نداء مضاف، ويجوز الرفع في ابنة على أنه في مذهب البصريين فأصبحت ابنة مخرم طلابها عسر علي كما تقول: هند أبوها منطلق. ومعناه: شطت عبلة مزار العاشقين أي بعدت مزارهم وفيه رجوع الغيبة إلى الخطاب ومثله قوله تعالى (وسقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذا كان لكم جزاء) ومن الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح) .
ومخرم اسم رجل، وقيل اسمه مخرمة ثم رخم في النداء.

الصفحة 220