كتاب شرح نقائض جرير والفرزدق (اسم الجزء: 1)

إنَّ الذَّي يَسْعى بِحُرِّ بلاَدَنا ... كَمُبْتَحثٍ نَاراً بِكفّ يُثيرُهَا
وَمَا حَارَبَتْنَا مِنْ مَعَدٍّ قَبيلَةٌ ... فَتُقْلَع إلاَّ وَهَي تَدْمَى نُحُورُها
وَإلاَّ رَمَيْنَاهَا بِصَدْرٍ وَكَلْكَلٍ ... مِن الشَّرِّ حَتَّى مَا يَهرُّ عَقُورُهَا
أَبَا الخَطفَى وابْنيَ مُعَيْدٍ وَمُعْرِضٌ ... تٌسَدِّي أُمُوراً جَمَّةً لاَ تُنيرُهَا
جَمَّة: كثيرة، ويقال: هذه بئرٌ جمَّةٌ أي كثيرةُ الماء. يقول: تُسدِّي أي تمدُّ خيوط الثوب طولاً. واللُّحمة
عرضاً، وباللُّحمة والنِّير يتمَّ نسجُ الثوب، وهذا مثلٌ ومعناه أنه يقول: تَعُدُّ ما لا تدركه ولا يتم ذلك.
وقال غسان:
مَنْ شَاءَ بَايَعْتُهُ مَالي وَخلْعَتَهُ ... إذَا جَنَى الْحَرْبَ بَعْدَ السِّلْمِ جَانيها
لاَ تَسأَلُونَ كليبِّياً فَيخْبِرَكُمْ ... أيُّ الرَّمَاحِ إذا هُزَّتْ عَوَاليْها
أَمَّا كُلَيْبٌ فَإنَّ اللُّؤمَ حالفها ... مَا سَالَ في حَفلَةِ الزَّبَّاءِ واديهَا
الزَّباء: ماءٌ لبني سَليط، وحفلتُه كثرتُه، يعني كثرة السَّيل واجتماعه. ومنه قولهم: احتفل الفرسُ إذا
لم يُبق من جَهدهِ شيئاً. وكذلك احتفل الوادي إذا انتهى سيلهُ، وكلُّ ماءٍ تؤنِّثهُ فهو حفلةٌ، وإذا ذُكِّر فهو
ماء.
فأجابه جرير
أسأَلْ سَليطاً إذَا مَا الحرْب أَفْزَعَهَا ... مَا شَأْنُ خَيْلُكُم قُعْساً هَواديهَا

الصفحة 174