كتاب شرح نقائض جرير والفرزدق (اسم الجزء: 2)
مقتل عُمارة
وكان من قصة مقتل عمارة، وهذا اليوم الذي قتل فيه، يقال له يوم أعيار، ويوم النقيعة، أن المثلم بن
المشخرة العائذي ثم الضبي، كان مجاوراً لبني عبس، فقامر هو وعمارة بن زياد بالقداح، فقمره
عمارة حتى حصل عليه عشرة أبكر، فقال له المثلم: هلم أزايدك في المقارعة حتى تزيد عليَّ أو أحط
بعض ما علي، فقال له عمارة: ما أنا بفاعل، ما أريد أن أزيد عليك وقد عجزت، وما أريد أن أحط
عنك شيئاً قد ركبته عليك؛ فقال له المثلم: خل عني حتى آتي قومي، فأبعث إليك بالذي لك عليَّ فأبى
عمارة إلا أن يرتهنه، فرهنه ابنه شرحاف بن المثلم، وخرج حتى أتى قومه فأخذ الأبكار فأتى بها
عمارة، وافتك ابنه. فلما انطلق بابنه، قال له في الطريق: يا أبتاه، من معضال؟ قال: ذلك رجل من
بني عمك ذهب فلم يوجد إلى الساعة، ولم يحسن له أثر، قال شرحاف: فإني قد عرفت قاتله. قال
أبوه: ومن هو؟ قال: هو عمارة بن زياد، سمعته يحدث القوم يوماً، وقد أخذ فيه الشراب أنه قتله، ثم
لم يلق له ناشداً.
ثم لبثوا بعد ذلك حيناً، وشب شرحاف، ثم إن عمارة جمع جمعاً عظيماً من بني عبس، فأغار بهم
على بني ضبة، فاطردوا إبلهم وركبت عليهم بنو ضبة فأدركوهم في المرعى، فلما نظر شرحاف إلى
عمارة، قال: يا عمارة أتعرفني؟ قال: ومن أنت؟ قال: أنا شرحاف بن المثلم، أد إلي ابن عمي
معضالاً مثله يوم قتلته، قال عمارة: يا شرحاف اذكر اللبن. قال شرحاف: الدم أحب إلي من اللبن، ثم
حمل عليه فقتله، وهزم جيشه واستنقذ الإبل، فقال في ذلك المثلم بن المشخرة:
الصفحة 367
1308