كتاب شرح نقائض جرير والفرزدق (اسم الجزء: 2)

هذا مقلوب، أراد لجاءت يبرين بالليالي، أي بجيش مثل الليالي تزجف. وقوله فتنسف يريد فتقلع
شبههم بالجبال.
يقول لجاءت يبرين بعدد من سعد، مثل عدد رمل يبرين. وقوله الليالي تزحف يريد جاء السيل
والليل في كثرتهم وجمعهم، كالليل يملأ كل شيء سواده، يقول فكذلك تملأ كل شيء عددا.
فأجابه جرير فقال
ألا أيُّها القلبُ الطَّروبُ المُكلَّفُ ... أفِقْ رُبَّما ينأى هُواكَ ويُسعفُ
قوله ينأى أي يبعد ويسعف يقرب. يقال قد أسعفه بحاجته أي قارب أن يقضيها له. ويروى ربما
ينأى هواك وتسعف.
ظلِلْتَ وقدْ خبَّرتَ أنْ لستَ جازِعاً ... لربعٍ بِسلمانينِ عينُكَ تذرِفُ
وتزعُمُ أنَّ البينَ لا يشعفُ الفَتى ... بلىَ مِثلُ بيني يوم لُبنانَ يشعفُ
قوله يشعف يعني يغلب على الغلب، وهو من قوله تعالى {قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً} وقد شغفها حبا بالعين
والغين، قد قرأ القراء بهما جميعا ومعناهما واحد، وهو أن يغلب على القلب الحب ولا يعقل غيره.
وطالَ حِذاري غُربةَ البينْ والنوَّى ... وأحدوثةً مِنْ كاشحٍ يتقوَّفُ
قوله من كاشح يعني عدوا مطالبا، وقوله يتقوف. يقول يعني بأمري ويقفو أثري ويكذب علي.
ولوْ علمتْ علمي أُمامةُ كذَّبتْ ... مقالةَ منْ يَنعى عليَّ ويعنُفُ

الصفحة 730