كتاب شرح نقائض جرير والفرزدق (اسم الجزء: 3)

عجبتُ إلى خلقِ الكُليبيّ عُلّقتْ ... يداهُ ولمْ تشتدّ قبضاً أناملُهْ
فدونكَ هذي فأنتقضْها فإنها ... شديدٌ قُوى أمراسِها مواصلُهْ
فأجابه جرير فقال:
ألمْ ترَ أنّ البهلَ أقصرَ باطِلُهْ ... وأمسى عماء قد تجلّتْ مخايلُهْ
قال: العماء السحاب الرقيق. وقوله مخايله، المخايل السحاب المخيل للمطر. يقال من ذلك: إن لها
لمخيلة حسنة، وذلك إذا تهيأت للمطر. ويروى ألم ترَ أن الدهر.
أجنّ الهوىَ أم طائرُ البينِ شفّني ... بِجُمدِ الصفا تنعابُهُ ومحاجلُهْ
قوله أجنّ الهوى، يعني حركة الهوى الذي يصيبه منها، مثل الجنون: أهو من الهوى؟ أم طائر
البين، ويريد غراب البين. شفّه حزنه، قوله بجُمد الصفا، هو المكان الذي هاج فيه شوقه. قال:
والنعب صياح الغراب، ومحاجله يريد حجله ومشيه.
لعلك محزونْ لِعرفانِ منزِل ... محيلٍ بوادي القريتينْ منازلُهْ
يقول: لعل شوقك هاج إذا عرفت منزلا مُحيلاً، يعني قد أتى عليه حول، فأنت محزون لذلك، لما
عرفت من اجتماع أهله ثم تفرقهم.
فإني ولوْ لامَ العواذلِ مُولع ... بحبِ الغضامِنْ حبِ مَنْ لا يزايلُهْ
وذا مَرجٍ أحببتُ مِنْ حُبِ أهلهِ ... وحيثُ انتهتْ في الروضتينْ مسايلُهْ

الصفحة 781