كتاب شرح نقائض جرير والفرزدق (اسم الجزء: 3)

فلوْ كُنتَ عندي يومَ قَو عَذَرْتَني ... بيوم زَهتني جنّهُ وأخابلُهْ
قوله زهتني يعني استحفّتني. وقو موضع كانوا يجتمعون فيه فيتحدثون ويلهون، وجنّه وأخابله، يريد
جنون الشباب ومرحه، فهذا الذي استخفه حتى لها وطرب. ويروى شمسه وأخابله.
يقُلنَ إذا ما حلّ دَينُكَ عندنا ... وخير الذي يُقضيَ منَ الدّين عاجلُهْ
لكَ الخير لا نقصيكَ إلا نسيئة ... منَ الدين أو عرضا فهل أنتَ قابلهْ
أمنْ ذِكرِ ليلىَ والرسومٍ التي خلتْ ... بنعفِ المُنقّى راجعَ القلب خابلُهْ
يقول: أمن ذِكر ليلى، هذه المرأة وذكر الرسوم التي خلت، يريد التي مضت، قال: والرسوم آثار
الديار وما بقي منها ومن معالمها، هاج شوقك.
عشيّةَ بعنا الحلمْ بالجهلْ وانتحتْ ... بنا أريحياتُ الصّبَى ومجاهله
وذلكَ يومٌ خيرهُ دونَ شرهَ ... تغيّبَ واشيهِ وأقصرَ عاذلُهْ
وخرق منَ الموماةِ أزورَ لا تُرى ... من البُعد إلا بَعدَ خمس مناهلُهْ
قوله وخرق، هي الأرض الواسعة البعيدة الأقطار، وهي النواحي، تتحرق فيه الريح من سعته، قال:
وهي الموماة أيضا. قال: وإنما جاز له أن يأتي بلفظين في معنى واحد، لآن اللفظ إذا اختلف وإن جاء
جميعاً بمعنىً واحد، جاز. فإذا اختلف اللفظ استحسنوه، يعني خرقاً، ويعني موماة، وهما جميعاً
الأرض الواسعة. وقوله أزورَ أي اعوجّ طريقها في جانب، لا تستقيم الطريق إليه. والمنهل الماء.
ازور مال عن القصد.

الصفحة 785