كتاب شرح نقائض جرير والفرزدق (اسم الجزء: 3)

لقدْ عَدَلتْ أينَ المسيرُ فلمْ تحِدْ ... لعورتها كالحيّ بكر بن وائلِ
رَعتْ مَنبِتَ الضمران مِنْ سَبَل المِعَى ... إلى صًلبِ أعيارٍ تُرن مساحلِهْ
قوله تُرن مساحله يقول تصيح حميره، قال: وسحيل الحمار صوته، والرنه الصوت العالي. وقوله
منبت الضمران، وهو مكان بعيد من محل الحي. قال وذاك أنّ الضمران يبعد نباته. ويروى من بلد
المعى. قال: والمعى أطراف الرمل حيث انقطع في الصلبة من الأرض، وصلبة جمع صُلب. يقول:
فإبلنا من عزّها ومنعتها ترعى حيث شاءت. قال: ومعي واحد الأمعاء.
سقتها الثُريا ديمَة واستقتْ بِها ... غُروبَ سِماكيّ تهلّلَ وابلُهْ
قوله سقتها الثريا، يقول: مُطروا بنوء الثريا وهو مكروه. كانوا في الجاهلية يقولون: مُطلانا بنوء
كذا وكذا، فلما أتى الإسلام نهوا عن ذلك. وقالوا هو الشرك، لأن الله تعالى هو الممطر، والديمة من
المطر مطر يدوم اليومين والثلاثة. وقوله واستقت غروب سماكي، يقول: وأعان الثريا أيضاً نوء
السّماك وهو نجم، وقوله تهلل، هو صوت من المطر الشديد، له وقع على الأرض يسمع صوته،
ومنه قولهم: قد أهلّ فلان بالحج، وقد أهل الصبي، إذا وقع من بطنِ أمه إذا صاح.
ترى لحبييهِ رَباباً كأنهُ ... غوادي نَعامٍ ينفُضُ الزِفّ جافلهْ
تُراعي مطافيلَ المها ويروعُها ... ذُبابٌ لندى تغريدهُ وصواهلهْ
المها البقر، ومطافيلها ذوات الأولاد منها. وقوله ويروعها ذباب الندى، يقول: يُفزعها قليل الصوت
من فزعها وفرقها.

الصفحة 788