كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 1)

الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَمِيَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِبَعْضِ الشَّيْءِ الْعَمَى وَهُوَ ذَهَابُ الْبَصَرِ جَمِيعُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ ضَعْفَ الْبَصَرِ وَذَهَابَ مُعْظَمِهِ وَسَمَّاهُ عَمًى فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَمُشَارَكَتِهِ إِيَّاهُ فِي فَوَاتِ بَعْضِ مَا كَانَ حَاصِلًا فِي حَالِ السَّلَامَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (ثُمَّ أَسْنَدُوا عُظْمَ ذَلِكَ وَكُبْرَهُ إِلَى مَالِكِ بْنِ دُخْشُمٍ) أَمَّا عُظْمَ فَهُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الظَّاءِ أَيْ مُعْظَمَهُ وَأَمَّا كُبْرَهُ فَبِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَذَكَرهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ لَكِنْهُمْ رَجَّحُوا الضم وقرىء قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ بِكَسْرِ الْكَافِ وَضَمِّهَا الْكَسْرُ قِرَاءَةُ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ وَالضَّمُّ فِي الشَّوَاذِّ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ الْمُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالْكَسْرِ وَقِرَاءَةُ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ وَيَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ بِالضَّمِّ قَالَ أبوعمرو بن العلاء هو خطأ وقال الْكِسَائِيُّ هُمَا لُغَتَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَسْنَدُوا عُظْمَ ذَلِكَ وَكُبْرَهُ أَنَّهُمْ تَحَدَّثُوا وَذَكَرُوا شَأْنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَفْعَالَهُمُ الْقَبِيحَةَ وَمَا يَلْقَوْنَ مِنْهُمْ وَنَسَبُوا مُعْظَمَ ذَلِكَ إِلَى مَالِكٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ بن دُخْشُمٍ فَهُوَ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا مِيمٌ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأَوْلَى وَضَبَطْنَاهُ فِي الثَّانِيَةِ بِزِيَادَةِ يَاءٍ بَعْدَ الْخَاءِ عَلَى التَّصْغِيرِ وَهَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ وَفِي بَعْضِهَا فِي الثَّانِيَةِ مُكَبَّرٌ أَيْضًا ثُمَّ إِنَّهُ فِي الْأُولَى بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِّينَاهُ دُخْشُمٌ مكبرا ودخشيم مُصَغَّرًا قَالَ وَرُوِّينَاهُ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ بِالنُّونِ بدل الميم مكبرا ومصغرا قال الشيخ أبوعمرو بن الصلاح ويقال أيضا بن الدخشن بِكَسْرِ الدَّالِ وَالشِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ بْنَ دُخْشُمٍ هَذَا مِنَ الْأَنْصَارِ ذَكَرَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اخْتِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي شُهُودِهِ الْعَقَبَةَ قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْمَشَاهِدِ قَالَ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ النِّفَاقُ فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِهِ مَا يَمْنَعُ مِنِ اتِّهَامِهِ هَذَا كَلَامُ أَبِي عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ قُلْتُ وَقَدْ نَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِيمَانِهِ بَاطِنًا وَبَرَاءَتِهِ مِنَ النِّفَاقِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَلَا تَرَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَهَذِهِ شَهَادَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِأَنَّهُ

الصفحة 243