كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 2)

وَعَدَمِ التَّظَالُمِ وَتَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَتَقِلُّ أَيْضًا الرَّغَبَاتُ لِقِصَرِ الْآمَالِ وَعِلْمِهِمْ بِقُرْبِ السَّاعَةِ فَإِنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ السَّاعَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) فَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ تَكْثُرُ رَغْبَتُهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ لقصر آمالهم وعلمهم بِقُرْبِ الْقِيَامَةِ وَقِلَّةِ رَغْبَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَاهُ أَنَّ أَجْرَهَا خَيْرٌ لِمُصَلِّيهَا مِنْ صَدَقَتِهِ بِالدُّنْيَا وما فيها لفيض المال حينئذ وهوانه وَقِلَّةِ الشُّحِّ وَقِلَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ لِلنَّفَقَةِ فِي الْجِهَادِ قَالَ وَالسَّجْدَةُ هِيَ السَّجْدَةُ بِعَيْنِهَا أَوْ تَكُونُ عِبَارَةً عَنِ الصَّلَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قوله (ثم يقول أبو هريرة اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به قبل موته) فَفِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْآيَةِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي مَوْتِهِ يَعُودُ عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَعْنَاهَا وَمَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يَكُونُ فِي زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِهِ وَعَلِمَ أنه عبد الله وبن أَمَتِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَذَهَبَ كَثِيرُونَ أَوِ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى الْكِتَابِيِّ وَمَعْنَاهَا وَمَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَحَدٌ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ إِلَّا آمَنَ عِنْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهِ بِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وانه عبد

الصفحة 191