كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 2)

أَيْ عَظِّمْهُ وَنَزِّهْهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ وثيابك فطهر قِيلَ مَعْنَاهُ طَهِّرْهَا مِنَ النَّجَاسَةِ وَقِيلَ قَصِّرْهَا وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالثِّيَابِ النَّفْسُ أَيْ طَهِّرْهَا مِنَ الذَّنْبِ وَسَائِرِ النَّقَائِصِ وَالرِّجْزُ بِكَسْرِ الرَّاءِ فِي قِرَاءَةِ الْأَكْثَرِينَ وَقَرَأَ حَفْصٌ بِضَمِّهَا وَفَسَّرَهُ فِي الكتاب بالاوثان وكذا قاله جماعات من المفسرين والرجز فى اللغة العذاب وسمى الشرك وعبادة الأوثان رِجْزًا لِأَنَّهُ سَبَبُ الْعَذَابِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالرِّجْزِ فِي الْآيَةِ الشِّرْكُ وَقِيلَ الذَّنْبُ وَقِيلَ الظُّلْمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(باب الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَى السَّمَاوَاتِ وَفَرْضِ الصَّلَوَاتِ) هَذَا بَابٌ طَوِيلٌ وَأَنَا أَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَقَاصِدَهُ مُخْتَصَرَةً مِنَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي عَلَى تَرْتِيبِهَا وَقَدْ لَخَصَّ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْإِسْرَاءِ جُمَلًا حَسَنَةً نَفِيسَةً فَقَالَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ إِنَّمَا كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي الْمَنَامِ وَالْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ وَمُعْظَمُ السَّلَفِ وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِجَسَدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآثَارُ تَدُلُّ عَلَيْهِ لِمَنْ طَالَعَهَا وَبَحَثَ عَنْهَا وَلَا يُعْدَلُ عَنْ ظَاهِرِهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي حَمْلِهَا عَلَيْهِ فَيُحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْكِتَابِ أَوْهَامٌ أَنْكَرَهَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَقَدْ نَبَّهَ مُسْلِمٌ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَقَدَّمَ وَأَخَّرَ وَزَادَ وَنَقَصَ مِنْهَا قَوْلُهُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ غَلَطٌ لَمْ يُوَافَقْ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِسْرَاءَ أَقَلُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَقَالَ الْحَرْبِيُّ كَانَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بخمس سنين وقال بن إِسْحَاقَ أُسْرِيَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَشَا الْإِسْلَامُ بِمَكَّةَ وَالْقَبَائِلِ)

الصفحة 209