كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 3)
رأسه ثلاث حَفَنَاتٍ) مَعْنَى اسْتَبْرَأَ أَيْ أَوْصَلَ الْبَلَلَ إِلَى جَمِيعِهِ وَمَعْنَى حَفَنَ أَخَذَ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا قَوْلُهَا (أَدْنَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ) هُوَ بِضَمِّ الْغَيْنِ وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ قَوْلُهَا (ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَلْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ إِذَا فَرَغَ أَنْ يَغْسِلُ يَدَهُ بِتُرَابٍ أَوْ أُشْنَانٍ أَوْ يَدْلُكُهَا بِالتُّرَابِ أَوْ بِالْحَائِطِ لِيَذْهَبَ الِاسْتِقْذَارُ مِنْهَا قَوْلُهَا (ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كفه) هكذا هو في الأصول الَّتِي بِبِلَادِنَا كَفِّهِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ كَفَّيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِرِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ وَالْحَفْنَةُ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ جَمِيعًا قَوْلُهَا (ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَرْكِ تَنْشِيفِ الْأَعْضَاءِ وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ أَصْحَابِنَا فِي تَنْشِيفِ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَشْهَرُهَا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَرْكُهُ وَلَا يُقَالُ فِعْلُهُ مَكْرُوهٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مُبَاحٌ يَسْتَوِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ فَإِنَّ الْمَنْعَ وَالِاسْتِحْبَابَ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ ظَاهِرٍ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِرَازِ عَنِ الْأَوْسَاخِ وَالْخَامِسُ يُكْرَهُ فِي الصَّيْفِ دُونَ الشِّتَاءِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ فِي التَّنْشِيفِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَهُوَ قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالثَّانِي مكروه فيهما وهو قول بن عمر وبن أَبِي لَيْلَى وَالثَّالِثُ يُكْرَهُ فِي الْوُضُوءِ دُونَ الغسل وهو قول بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَدْ جَاءَ فِي تَرْكِ التَّنْشِيفِ هَذَا الْحَدِيثُ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ
الصفحة 231
235