كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

قَالَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمَا أَعْلَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَنَّاهُ لَكُمْ وَمَا أَخْفَاهُ أَخْفَيْنَاهُ لَكُمْ) مَعْنَاهُ مَا جَهَرَ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ جَهَرْنَا بِهِ وَمَا أَسَرَّ أَسْرَرْنَا بِهِ وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَعَلَى الْإِسْرَارِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ وَالْأُخْرَيَيْنِ مِنَ الْعِشَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَمَذْهَبُنَا الْجَهْرُ فِيهِمَا وَفِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ قِيلَ يَجْهَرُ فِيهَا وَقِيلَ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ وَنَوَافِلُ النَّهَارِ يُسِرُّ بِهَا وَالْكُسُوفُ يُسِرُّ بِهَا نَهَارًا وَيَجْهَرُ لَيْلًا وَالْجِنَازَةُ يُسِرُّ بِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَقِيلَ يَجْهَرُ لَيْلًا وَلَوْ فَاتَهُ صَلَاةُ لَيْلَةٍ كَالْعِشَاءِ فَقَضَاهَا فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى جَهَرَ وَإِنْ قَضَاهَا نَهَارًا فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ يُسِرُّ وَالثَّانِي يَجْهَرُ وَإِنْ فَاتَهُ نهارية كالظهر فقضاها نهارا أسر وإن قَضَاهَا لَيْلًا فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ يَجْهَرُ وَالثَّانِي يُسِرُّ وَحَيْثُ قُلْنَا يَجْهَرُ أَوْ يُسِرُّ فَهُوَ سُنَّةٌ فَلَوْ تَرَكَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عِنْدَنَا قَوْلُهُ (وَمَنْ قَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَمَنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ) فِيهِ دَلِيلٌ لِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِي غَيْرُهَا وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السُّورَةِ بَعْدَهَا وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الصبح والجمعة والأولين مِنْ كُلِّ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وُجُوبَ السُّورَةِ وَهُوَ شَاذٌّ مَرْدُودٌ وَأَمَّا السُّورَةُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ تُسْتَحَبُّ أَمْ لَا وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

الصفحة 105