كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)
الْأَوَّلَ وَكَذَلِكَ التَّسْبِيحَ وَتَكْبِيرَاتَ الِانْتِقَالَاتِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَاجِبَاتِ الثَّلَاثَةِ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً عِنْدَ السَّائِلِ فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى بَيَانِهَا وَكَذَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ عِنْدَ مَنْ يُوجِبُهُ يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً وَفِيهِ وُجُوبُ الطَّهَارَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَفِيهِ أَنَّ التَّعَوُّذَ وَدُعَاءَ الِافْتِتَاحِ وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَوَضْعَ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهَيْئَاتِ الْجُلُوسِ وَوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْفَخِذِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الِاعْتِدَالِ عَنِ الرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَوُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَلَمْ يُوجِبُهَا أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَطَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ عَنْهُ جَوَابٌ صَحِيحٌ وَأَمَّا الِاعْتِدَالُ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ يَجِبُ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ كَمَا يَجِبُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَتَوَقَّفَ فِي إِيجَابِهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَاحْتَجَّ هَذَا الْقَائِلُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا فَاكْتَفَى بِالِاعْتِدَالِ وَلَمْ يَذْكُرِ الطُّمَأْنِينَةَ كَمَا ذَكَرَهَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِيهِ وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَا سَبَقَ وَفِيهِ أَنَّ الْمُفْتِيَ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ وَكَانَ هُنَاكَ شَيْءٌ آخَرَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ السَّائِلُ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَذْكُرَهُ لَهُ وَيَكُونُ هَذَا مِنَ النَّصِيحَةِ لَا مِنَ الْكَلَامِ فِيمَا لَا يَعْنِي وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ قَالَ عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْ عَلِّمْنِي الصَّلَاةَ فَعَلَّمَهُ الصَّلَاةَ وَاسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ وَالْوُضُوءَ وَلَيْسَا مِنَ الصَّلَاةِ لَكِنَّهُمَا شَرْطَانِ لَهَا وَفِيهِ الرِّفْقُ بِالْمُتَعَلِّمِ وَالْجَاهِلِ وَمُلَاطَفَتُهُ وَإِيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ وَتَلْخِيصُ الْمَقَاصِدِ وَالِاقْتِصَارُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْمُهِمِّ دُونَ الْمُكَمِّلَاتِ الَّتِي لَا يَحْتَمِلُ حَالُهُ حِفْظَهَا وَالْقِيَامَ بِهَا وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السَّلَامِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَوُجُوبُ رَدِّهِ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهُ إِذَا تَكَرَّرَ اللِّقَاءُ وَإِنْ قَرُبَ الْعَهْدُ وَأَنَّهُ يَجِبُ رَدُّهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَأَنَّ صِيغَةَ الْجَوَابِ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ أَوْ وَعَلَيْكَ بِالْوَاوِ وَهَذِهِ الْوَاوُ مُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَأَوْجَبَهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَخَلَّ بِبَعْضِ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا يُسَمَّى مُصَلِّيًا بَلْ يُقَالُ لَمْ تُصَلِّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ تَرَكَهُ مِرَارًا يُصَلِّي صَلَاةً فَاسِدَةً فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يُؤْذِنْ لَهُ فِي صَلَاةٍ فَاسِدَةٍ وَلَا عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةِ فَاسِدَةً بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ أَنْ
الصفحة 108
238