كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتِلْكَ بِتِلْكَ) مَعْنَاهُ اجْعَلُوا تَكْبِيرَكُمْ لِلرُّكُوعِ وَرُكُوعَكُمْ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ وَكَذَلِكَ رَفْعَكُمْ مِنَ الرُّكُوعِ يَكُونُ بَعْدَ رَفْعِهِ وَمَعْنَى تِلْكَ بِتِلْكَ أَنَّ اللَّحْظَةَ الَّتِي سَبَقَكُمُ الْإِمَامُ بِهَا فِي تَقَدُّمِهِ إِلَى الرُّكُوعِ تَنْجَبِرُ لَكُمْ بِتَأْخِيرِكُمْ فِي الرُّكُوعِ بَعْدَ رَفْعِهِ لَحْظَةً فَتِلْكَ اللَّحْظَةُ بِتِلْكَ اللَّحْظَةِ وَصَارَ قَدْرَ رُكُوعِكُمْ كَقَدْرِ رُكُوعِهِ وَقَالَ مِثْلَهُ فِي السُّجُودِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ الْجَهْرُ بِقَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَحِينَئِذٍ يسمعونه فيقولون وفيه دَلَالَةٍ لِمَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ لَا يَزِيدُ الْمَأْمُومُ عَلَى قَوْلِهِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَلَا يَقُولُ مَعَهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ فيه في بابه إنشاء اللَّهُ تَعَالَى وَمَعْنَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَيْ أَجَابَ دُعَاءَ مَنْ حَمِدَهُ وَمَعْنَى يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ يَسْتَجِبْ دُعَاءَكُمْ قَوْلُهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ هَكَذَا هُوَ هُنَا بِلَا وَاوٍ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَبِحَذْفِهَا وَكِلَاهُمَا جَاءَتْ بِهِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ وَأَنَّ الْأَمْرَيْنِ جَائِزَانِ وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اخْتِلَافًا عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَغَيْرِهِ فِي الْأَرْجَحِ مِنْهُمَا وَعَلَى إِثْبَاتِ الواو يكون قوله ربنا متعلقابما قَبْلَهُ تَقْدِيرُهُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ يَا رَبَّنَا فَاسْتَجِبْ حَمْدَنَا وَدُعَاءَنَا وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى هدايتنا لذلك قوله (وإذا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمُ التَّحِيَّاتُ) اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ فِي أَوَّلِ جُلُوسِهِ التَّحِيَّاتُ وَلَا يَقُولُ

الصفحة 121