كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

الْأَحَادِيثِ اسْتِحْبَابُ التَّأْمِينِ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَأْمِينُ الْمَأْمُومِ مَعَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ لقوله صلى الله عليه وسلم وإذا قال وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ وَأَمَّا رِوَايَةُ إِذَا أَمَّنَ فَأَمِّنُوا فَمَعْنَاهَا إِذَا أَرَادَ التَّأْمِينَ وَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَ هَذَا قَرِيبًا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فِي بَابِ التَّشَهُّدِ وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ الْجَهْرُ بِالتَّأْمِينِ وَكَذَا لِلْمَأْمُومِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُؤَمِّنُ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رِوَايَةٍ لَا يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْكُوفِيُّونَ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ لَا يَجْهَرُ بِالتَّأْمِينِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ يَجْهَرُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ وَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ مَعْنَاهُ وَافَقَهُمْ فِي وَقْتِ التَّأْمِينِ فَأَمَّنَ مَعَ تَأْمِينِهِمْ فَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ قَوْلًا أَنَّ مَعْنَاهُ وَافَقَهُمْ فِي الصِّفَةِ وَالْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ وَاخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةِ فَقِيلَ هُمُ الْحَفَظَةُ وَقِيلَ غَيْرُهُمْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إِذَا قَالَهَا الْحَاضِرُونَ مِنَ الْحَفَظَةِ قَالَهَا مَنْ فَوْقَهُمْ حَتَّى ينتهي إلى أهل السماء وقول بن شِهَابٍ (وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ آمِينَ) مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ صِيغَةُ تَأْمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا وَرَدَ لِقَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَاهُ إِذَا دَعَا الْإِمَامُ بِقَوْلِهِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ إِلَى آخِرِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّ التَّأْمِينَ لَا يَكُونُ إلا عقبها والله أعلم

(باب ائتمام المأموم بالإمام)
فِيهِ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (سَقَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَدَخَلْنَا

الصفحة 130