كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

قَوْلُهَا (لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ) دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْإِنْسَانِ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ وَقَدْ أَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَالصَّوَابُ جَوَازُهُ فَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَةَ وَأَنَسٍ وَالْبَرَاءِ وَجَمَاعَةٍ آخَرِينَ إِطْلَاقُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَقَدْ بَسَطْتُ الْقَوْلَ فِيهِ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ قَوْلُهَا (فَأَرْسَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ) فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا فَضِيلَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَرْجِيحُهُ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ رضوانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَتَفْضِيلُهُ وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِخِلَافَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْهَا أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ عَنْ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ إِلَّا أَفْضَلَهُمْ وَمِنْهَا فَضِيلَةُ عُمَرَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَعْدِلْ إِلَى غَيْرِهِ وَمِنْهَا أَنَّ الْمَفْضُولَ إِذَا عَرَضَ عَلَيْهِ الْفَاضِلُ مَرْتَبَةً لَا يَقْبَلُهَا بَلْ يَدَعُهَا لِلْفَاضِلِ إِذَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ وَمِنْهَا جَوَازُ الثَّنَاءِ فِي الْوَجْهِ لِمَنْ أَمِنَ عَلَيْهِ الْإِعْجَابُ وَالْفِتْنَةُ لِقَوْلِهِ أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا صَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَهُ لِلْعُذْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ كَثِيرُ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ تَوَاضُعًا وَالْمُخْتَارُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهَا (فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أحدهما العباس) وفسر بن عباس

الصفحة 137