كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)
وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ بَلْ تَضْطَرِبُ وَتَتَحَرَّكُ بِأَذْنَابِهَا وَأَرْجُلِهَا وَالْمُرَادُ بِالرَّفْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ هُنَا رَفْعُهُمْ أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ السَّلَامِ مُشِيرِينَ إِلَى السَّلَامِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ (فَرَآنَا حِلَقًا) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ جَمْعُ حَلْقَةٍ بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ فَتَحَهَا فِي لُغَةٍ ضَعِيفَةٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ) أَيْ مُتَفَرِّقِينَ جَمَاعَةً جَمَاعَةً وَهُوَ بِتَخْفِيفِ الزَّايِ الْوَاحِدَةِ عِزَةٌ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنِ التَّفَرُّقِ وَالْأَمْرُ بِالِاجْتِمَاعِ وَفِيهِ الْأَمْرُ بِإِتْمَامِ الصُّفُوفِ الْأُوَّلِ والتراص في الصفوف وَمَعْنَى إِتْمَامِ الصُّفُوفِ الْأَوَّلِ أَنْ يَتِمَّ الْأَوَّلَ وَلَا يَشْرَعُ فِي الثَّانِي حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ وَلَا فِي الثَّالِثِ حَتَّى يَتِمَّ الثَّانِي وَلَا فِي الرَّابِعِ حَتَّى يَتِمَّ الثَّالِثُ وَهَكَذَا إِلَى آخِرِهَا وَفِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عن يمينه السلام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَنْ شِمَالِهِ وَلَا يُسَنُّ زِيَادَةُ وَبَرَكَاتُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ فِيهَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَأَشَارَ إِلَيْهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَلَكِنَّهَا بِدْعَةٌ إِذْ لَمْ يَصِحَّ فِيهَا حَدِيثٌ بَلْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ فِي تَرْكِهَا وَالْوَاجِبُ مِنْهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ بِغَيْرِ مِيمٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَسْلِيمَتَيْنِ
الصفحة 153