كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)
كَلَامِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَذَمَّ أَوَّلَ صُفُوفِهِنَّ لِعَكْسِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ الْمَمْدُوحَ الَّذِي قَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِفَضْلِهِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ هُوَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ سَوَاءٌ جَاءَ صَاحِبُهُ مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا وَسَوَاءٌ تَخَلَّلَهُ مَقْصُورَةٌ وَنَحْوُهَا أَمْ لَا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الصَّفُّ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُتَّصِلُ مِنْ طَرَفِ الْمَسْجِدِ إِلَى طَرَفِهِ لَا يَتَخَلَّلهُ مَقْصُورَةٌ وَنَحْوُهَا فَإِنْ تَخَلَّلَ الَّذِي يَلِي الإمام شيء فليس بأول بل الأول مالا يَتَخَلَّلُهُ شَيْءٌ وَإِنْ تَأَخَّرَ وَقِيلَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ عِبَارَةٌ عَنْ مَجِيءِ الْإِنْسَانِ إِلَى الْمَسْجِدِ أَوَّلًا وَإِنْ صَلَّى فِي صَفٍّ مُتَأَخِّرٍ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ غَلَطٌ صَرِيحٌ وَإِنَّمَا أَذْكُرُهُ وَمِثْلَهُ لِأُنَبِّهَ عَلَى بُطْلَانِهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب أَمْرِ النِّسَاءِ الْمُصَلِّيَاتِ وَرَاءَ الرِّجَالِ)
(أَنْ لَا يرفعن رؤوسهن مِنْ السُّجُودِ حَتَّى يَرْفَعَ الرِّجَالُ) قَوْلُهُ (رَأَيْتُ الرِّجَالَ عَاقِدِي أُزُرِهِمْ) مَعْنَاهُ عَقَدُوهَا لِضِيقِهَا لِئَلَّا يُكْشَفَ شَيْءٌ مِنَ الْعَوْرَةِ فَفِيهِ الِاحْتِيَاطُ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالتَّوَثُّقُ بِحِفْظِ السُّتْرَةِ وَقَوْلُهُ (يَا معشر النساء لا ترفعن رؤوسكن حَتَّى يَرْفَعَ الرِّجَالُ) مَعْنَاهُ لِئَلَّا يَقَعَ بَصَرُ امْرَأَةٍ عَلَى عَوْرَةِ رَجُلٍ انْكَشَفَ وَشَبَهَ ذَلِكَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ
الصفحة 160