كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

اثْنَيْنِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ وَسُفْيَانُ مَعْرُوفٌ بِالتَّدْلِيسِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ فَنَبَّهَ مُسْلِمٌ عَلَى اخْتِلَافِ الرُّوَاةِ فِي عِبَارَةِ سُفْيَانَ قَوْلُهُ (كَشَفَ السِّتَارَةَ) هِيَ بِكَسْرِ السِّينِ وَهِيَ السِّتْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ وَالدَّارِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (نَهَانِي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا) فِيهِ النَّهْيُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِنَّمَا وَظِيفَةُ الرُّكُوعِ التَّسْبِيحُ وَوَظِيفَةُ السُّجُودِ التَّسْبِيحُ وَالدُّعَاءُ فَلَوْ قَرَأَ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ كُرِهَ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَغَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَيُكْرَهُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَالثَّانِي يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ هَذَا إِذَا كَانَ عَمْدًا فَإِنْ قَرَأَ سهوا لم يكره وسواء قرأ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ) أَيْ سَبِّحُوهُ وَنَزِّهُوهُ وَمَجِّدُوهُ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا الْأَذْكَارَ الَّتِي تُقَالُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَيُكَرِّرُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَضُمُّ إِلَيْهِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذَا اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ إِلَى آخِرِهِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَلِلْإِمَامِ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ يُؤْثِرُونَ التَّطْوِيلَ فَإِنْ شَكَّ لَمْ يَزِدْ عَلَى التَّسْبِيحِ وَلَوِ اقْتَصَرَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ عَلَى تَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ حَصَّلَ أَصْلَ سُنَّةِ التَّسْبِيحِ لَكِنْ تَرَكَ كَمَالَهَا وَأَفْضَلَهَا وَاعْلَمْ أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ سُنَّةٌ غَيْرُ وَاجِبٍ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْجُمْهُورُ وَأَوْجَبَهُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَطَائِفَةٌ مِنَ أَئِمَةِ الحدي لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فِي الْأَمْرِ بِهِ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يأمره به ولو وجب لأمره به فَإِنْ قِيلَ فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالنِّيَّةِ وَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ فقد سبق جوابه عند شرحه وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَمِنٌ هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فَمَنْ فَتَحَ فَهُوَ عِنْدَهُ مَصْدَرٌ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَمَنْ كَسَرَ فَهُوَ وَصْفٌ يُثَنَّى وَيُجْمَعُ وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ قَمِينٌ بِزِيَادَةِ يَاءٍ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَمَعْنَاهُ حَقِيقٌ

الصفحة 197