كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)
بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَقِبُ الشَّيْطَانِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ فِيهِ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَضَعَّفَهُ وَفَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ بِالْإِقْعَاءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ أَنْ يُلْصِقَ أَلْيَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا يَفْرِشُ الْكَلْبُ وَغَيْرُهُ مِنَ السِّبَاعِ أَمَّا أحكام الباب فَقَوْلُهَا كَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ فِيهِ إِثْبَاتُ التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ التَّكْبِيرِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَعْيِينِ التَّكْبِيرِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُومُ غَيْرُهُ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْظِيمِ مَقَامَهُ وَقَوْلُهَا (وَالْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يَقُولُ إِنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَجَوَابُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْأَكْثَرِينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الْقُرْآنَ بِسُورَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا بِسُورَةٍ أُخْرَى فَالْمُرَادُ بَيَانُ السُّورَةِ الَّتِي يُبْتَدَأُ بِهَا وَقَدْ قَامَتِ الْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ مِنْهَا وَفِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ لِلرَّاكِعِ أَنْ يُسَوِّيَ ظَهْرَهُ بِحَيْثُ يَسْتَوِي رَأْسُهُ وَمُؤَخَّرُهُ وَفِيهِ وُجُوبُ الإعتدال إذا رفع من الركوع وأنه يَجِبُ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَفِيهِ وُجُوبُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَوْلُهَا (وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ) فِيهِ حُجَّةٌ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ وَاجِبَانِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَالْأَكْثَرُونَ هُمَا سُنَّتَانِ لَيْسَا وَاجِبَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالثَّانِي وَاجِبٌ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعَ قوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَبِقَوْلِهِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَاحْتَجَّ الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَجَبَرَهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَلَوْ وَجَبَ لَمْ يَصِحَّ جَبْرُهُ كَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَرْكَانِ قَالُوا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْأَوَّلِ فَالْأَخِيرُ بِمَعْنَاهُ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَلِّمْهُ الْأَعْرَابِيَّ حِينَ عَلَّمَهُ فروض الصلاة والله أعلم قولها وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى مَعْنَاهُ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا فِيهِ حُجَّةٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ الْجُلُوسَ فِي الصَّلَاةِ يَكُونُ مُفْتَرِشًا سَوَاءٌ فِيهِ جَمِيعُ الْجِلْسَاتِ وَعِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُسَنُّ مُتَوَرِّكًا بِأَنْ يُخْرِجُ
الصفحة 214
238