كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

الْمُصْحَفِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ ضَمُّ الْمِيمِ وَفَتْحُهَا وَكَسْرُهَا وَفِي هَذَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِدَامَةِ الصَّلَاةِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ إِذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ إِيطَانِ الرَّجُلِ مَوْضِعًا مِنَ الْمَسْجِدِ يُلَازِمُهُ فَهُوَ فِيمَا لَا فَضْلَ فِيهِ وَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فَأَمَّا مَا فِيهِ فَضْلٌ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا مَنْ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِتَدْرِيسِ عِلْمٍ أَوْ لِلْإِفْتَاءِ أَوْ سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ مِنْ تَسْهِيلِ طُرُقِ الْخَيْرِ وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خِلَافَ السَّلَفِ فِي كَرَاهَةِ الْإِيطَانِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَالِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ لِحَاجَةٍ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُ (كَانَ بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْقِبْلَةِ قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ) الْمُرَادُ بِالْقِبْلَةِ الْجِدَارُ وَإِنَّمَا أَخَّرَ الْمِنْبَرَ عَنِ الْجِدَارِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ نَظَرُ أَهْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ قَوْلُهُ (كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ) فِيهِ مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِدَامَةِ الصَّلَاةِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ إِذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ وَفِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الْأَسَاطِينِ فَأَمَّا الصَّلَاةُ إِلَيْهَا فَمُسْتَحَبَّةٌ لَكِنِ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَصْمُدَ إِلَيْهَا بَلْ يَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ كَمَا سَبَقَ وَأَمَّا الصَّلَاةُ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا عِنْدَنَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كَرَاهَتِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّفَّ وَلِأَنَّهُ يُصَلِّي إِلَى غير جدار قريب قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ

الصفحة 226