كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا إِلَّا مَا حُكِيَ عن بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ وَلَا أَعْلَمُ صِحَّتَهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبَيْنِ أَفْضَلُ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِمَا كُلُّ أَحَدٍ فَلَوْ وَجَبَا لَعَجَزَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِمَا عَنِ الصَّلَاةِ وَفِي ذَلِكَ حَرَجٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ في الدين من حرج وَأَمَّا صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَفِي وَقْتٍ كَانَ لِعَدَمِ ثَوْبٍ آخَرَ وَفِي وَقْتٍ كَانَ مَعَ وُجُودِهِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ كَمَا قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَرَانِي الْجُهَّالُ وَإِلَّا فَالثَّوْبَانِ أَفْضَلُ كَمَا سَبَقَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ) قَالَ الْعُلَمَاءُ حِكْمَتُهُ أَنَّهُ إِذَا ائْتَزَرَ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يُؤْمِنْ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا جَعَلَ بَعْضَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إِلَى إِمْسَاكِهِ بِيَدِهِ أَوْ يَدَيْهِ فَيَشْغَلُ بِذَلِكَ وَتَفُوتُهُ سُنَّةُ وَضْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى

الصفحة 231