كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

بِكَوْنِهِ يَظُنُّ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ فِتْنَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا كَشْفُ الرَّجُلِ عَوْرَتَهُ فِي حَالِ الْخَلْوَةِ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ آدَمِيٌّ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ جَازَ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَفِيهِ خِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي كَرَاهَتِهِ وَتَحْرِيمِهِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا أَنَّهُ حَرَامٌ وَلِهَذِهِ الْمَسَائِلِ فُرُوعٌ وَتَتِمَّاتٌ وَتَقْيِيدَاتٌ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَأَشَرْنَا هُنَا إِلَى هَذِهِ الْأَحْرُفِ لِئَلَّا يَخْلُوَ هَذَا الْكِتَابُ مِنَ أَصْلِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(باب جَوَازِ الِاغْتِسَالِ عُرْيَانًا فِي الْخَلْوَةِ)
فِيهِ قِصَّةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّهُ يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ فِي الْخَلْوَةِ وَذَلِكَ كَحَالَةِ الِاغْتِسَالِ وَحَالِ الْبَوْلِ وَمُعَاشَرَةِ الزَّوْجَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ فِيهِ التَّكَشُّفُ فِي الْخَلْوَةِ وَأَمَّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَيَحْرُمُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي كُلِّ ذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالتَّسَتُّرُ بِمِئْزَرٍ وَنَحْوِهِ فِي حَالِ الِاغْتِسَالِ فِي الْخَلْوَةِ أَفْضَلُ مِنَ التَّكَشُّفِ وَالتَّكَشُّفُ جَائِزٌ مُدَّةَ الْحَاجَةِ فِي الْغُسْلِ وَنَحْوِهِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ حَرَامٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا قَدَّمْنَا فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ وَاجِبٌ عَلَى الْأَصَحِّ إِلَّا فِي قَدْرِ الْحَاجَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ الصلاة والسلام اغْتَسَلَ فِي الْخَلْوَةِ عُرْيَانًا وَهَذَا يَتِمُّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنَ أَهْلِ الْأُصُولِ إِنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كانت بنواسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوءة بَعْضٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا كَانَ جَائِزًا فِي شَرْعِهِمْ وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتْرُكُهُ تَنَزُّهًا وَاسْتِحْبَابًا وَحَيَاءً وَمُرُوءَةً وَيَحْتَمِلُ

الصفحة 32