كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٍ ثَانِيَةٍ لِكَفَّيْهِ وَثَالِثَةٍ لِذِرَاعَيْهِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ عَنِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْأَعْصَارِ وَمَنْ قَبْلَهُمْ عَلَى جَوَازِهِ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَفِ وَلَا أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَّا مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ الْإِمَامِ التَّابِعِيِّ وَقِيلَ إِنَّ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ رَجَعَا عَنْهُ وَقَدْ جَاءَتْ بِجَوَازِهِ لِلْجُنُبِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِذَا صَلَّى الْجُنُبُ بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِمَامِ التَّابِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ مَذْهَبٌ مَتْرُوكٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ وَمَنْ بَعْدَهُ وَبِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجُنُبِ بِغَسْلِ بَدَنِهِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ وَالْمُعْزِبِ فِي الْإِبِلِ وَغَيْرِهِمَا أَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ وَإِنْ كَانَا عَادِمَيْنِ لِلْمَاءِ وَيَغْسِلَانِ فَرْجَيْهِمَا وَيَتَيَمَّمَانِ وَيُصَلِّيَانِ وَيَجْزِيهِمَا التَّيَمُّمُ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمَا إِذَا غَسَلَا فَرْجَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَغْسِلِ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ رُطُوبَةَ فَرْجِ الْمَرْأَةِ نَجِسَةٌ لَزِمَهُ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى بَعْضِ أَعْضَاءِ الْمُحْدِثِ نَجَاسَةٌ فَأَرَادَ التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْهَا فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ عَلَى بَدَنِهِ وَلَمْ يَجُزِ إِذَا كَانَتْ عَلَى ثَوْبِهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي وُجُوبِ إِعَادَةِ هذه الصلاة وقال بن الْمُنْذِرِ كَانَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ يَقُولُونَ يَمْسَحُ مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ بِتُرَابٍ وَيُصَلِّي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا إِعَادَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي يَفْعَلُهَا بِالتَّيَمُّمِ فَمَذْهَبُنَا أنه لايعيد إِذَا تَيَمَّمَ لِلْمَرَضِ أَوِ الْجِرَاحَةِ وَنَحْوهِمَا وَأَمَّا إِذَا تَيَمَّمَ لِلْعَجْزِ عَنِ الْمَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يُعْدَمُ فِيهِ الْمَاءُ غَالِبًا كَالسَّفَرِ لَمْ تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْدَمُ فِيهِ الْمَاءَ إِلَّا نَادِرًا وَجَبَتِ الْإِعَادَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا جِنْسُ مَا يُتَيَمَّمُ بِهِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فذهب الشافعي وأحمد وبن الْمُنْذِرِ وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لايجوز التَّيَمُّمُ إِلَّا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ بِالْعُضْوِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ حَتَّى بِالصَّخْرَةِ الْمَغْسُولَةِ وَزَادَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فَجَوَّزَهُ بِكُلِّ مَا اتَّصَلَ بِالْأَرْضِ مِنَ الْخَشَبِ وَغَيْرِهِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الثَّلْجِ رِوَايَتَانِ وَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بِالثَّلْجِ وَكُلِّ مَا عَلَى الْأَرْضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا حُكْمُ التَّيَمُّمِ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الاكثرين أنه لايرفع الْحَدَثَ بَلْ يُبِيحُ الصَّلَاةَ

الصفحة 57