كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

بْنِ تَمِيمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (يابلال قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ) فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ حُجَّةٌ لِشَرْعِ الْأَذَانِ مِنْ قِيَامٍ وأنه لايجوز الْأَذَانُ قَاعِدًا قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَإِنَّهُ جَوَّزَهُ وَوَافَقَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّا قَدَّمْنَا عَنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا النِّدَاءِ الْإِعْلَامُ بِالصَّلَاةِ لَا الْأَذَانُ الْمَعْرُوفُ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ قُمْ فَاذْهَبْ إِلَى مَوْضِعٍ بَارِزٍ فَنَادِ فِيهِ بِالصَّلَاةِ لِيَسْمَعَكَ النَّاسُ مِنَ الْبُعْدِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْقِيَامِ فِي حَالِ الْأَذَانِ لَكِنْ يُحْتَجُّ لِلْقِيَامِ فِي الْأَذَانِ بِأَحَادِيثَ مَعْرُوفَةٍ غَيْرِ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ فَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ مَذْهَبُنَا الْمَشْهُورُ أَنَّهُ سُنَّةٌ فَلَوْ أَذَّنَ قَاعِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ صَحَّ أَذَانُهُ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ مُضْطَجِعًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ صَحَّ أَذَانُهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِعْلَامُ وَقَدْ حَصَلَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي اشْتِرَاطِ الْقِيَامِ شَيْءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا السَّبَبُ فِي تَخْصِيصِ بِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالنِّدَاءِ وَالْإِعْلَامِ فَقَدْ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ قِيلَ مَعْنَاهُ أَرْفَعُ صَوْتًا وَقِيلَ أَطْيَبُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ كَوْنِ الْمُؤَذِّنِ رَفِيعَ الصَّوْتِ وَحَسَنَهُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابُنَا فَلَوْ وَجَدْنَا مُؤَذِّنًا حَسَنَ الصَّوْتِ يَطْلُبُ عَلَى أَذَانِهِ رِزْقًا وَآخَرَ يَتَبَرَّعُ بِالْأَذَانِ لَكِنَّهُ غَيْرُ حَسَنِ الصَّوْتِ فَأَيُّهُمَا يُؤْخَذُ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يُرْزَقُ حَسَنُ الصَّوْتِ وَهُوَ قول بن شُرَيْحٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي حِكْمَةِ الْأَذَانِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءٍ إِظْهَارُ شِعَارِ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَالْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَبِمَكَانِهَا وَالدُّعَاءُ إلى الجماعة والله أعلم

(باب الأمر بشقع الأذن وايتار الاقامة الا كلمة الاقامة فانها مثنى)
فِيهِ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ

الصفحة 77