كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَغَّبَ غَيْرَهُ فِي خَيْرٍ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ شيئا من دلائله لِيُنَشِّطَهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ من صلى علي مرة صلىالله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا وَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ وَفِيهِ أَنَّ الْأَعْمَالَ يُشْتَرَطُ لَهَا الْقَصْدُ وَالْإِخْلَاصُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَلْبِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِالْقَوْلِ مِثْلَ قَوْلِهِ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ مُتَطَهِّرٍ وَمُحْدِثٍ وَجُنُبٍ وَحَائِضٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا مَانِعَ لَهُ مِنَ الْإِجَابَةِ فَمِنْ أَسْبَابِ الْمَنْعِ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَلَاءِ أَوْ جِمَاعِ أَهْلِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي صَلَاةٍ فَمَنْ كَانَ فِي صَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ فَسَمِعَ الْمُؤَذِّنَ لَمْ يُوَافِقْهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَى بِمِثْلِهِ فَلَوْ فَعَلَهُ فِي الصَّلَاةِ فَهَلْ يُكْرَهُ فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ اعراض عن الصلاة لكن لاتبطل صلاته ان قال ماذكرناه لِأَنَّهَا أَذْكَارٌ فَلَوْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ كَلَامُ آدَمِيٍّ وَلَوْ سَمِعَ الْأَذَانَ وَهُوَ فِي قِرَاءَةٍ أَوْ تَسْبِيحٍ أَوْ نَحْوِهِمَا قَطَعَ مَا هُوَ فِيهِ وَأَتَى بِمُتَابَعَةِ الْمُؤَذِّنِ وَيُتَابِعُهُ فِي الْإِقَامَةِ كَالْأَذَانِ إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ فِي لَفْظِ الْإِقَامَةِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَإِذَا ثَوَّبَ الْمُؤَذِّنُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ قَالَ سَامِعُهُ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَحْكِي الْمُصَلِّي لَفْظَ الْمُؤَذِّنِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ أَمْ لَا يَحْكِيهِ فِيهِمَا أَمْ يَحْكِيهِ فِي النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِمَا وَهَلْ هَذَا الْقَوْلُ مِثْلُ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَمْ مَنْدُوبٌ فِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ قَالَ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَقُولُهُ عِنْدَ سَمَاعِ كُلِّ مُؤَذِّنٍ أَمْ لِأَوَّلِ مُؤَذِّنٍ فَقَطْ قَالَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ هَلْ يُتَابَعُ الْمُؤَذِّنُ فِي كُلِّ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ أَمْ إِلَى آخِرِ الشَّهَادَتَيْنِ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَمَا بَعْدَهُ بَعْضُهُ لَيْسَ بِذِكْرٍ وَبَعْضُهُ تَكْرَارٌ لِمَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَصْلٌ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَى آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ تَوْحِيدٌ وَثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَانْقِيَادٌ لِطَاعَتِهِ وَتَفْوِيضٌ إِلَيْهِ لِقَوْلِهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَمَنْ حَصَلَ هَذَا فَقَدْ حَازَ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ وَكَمَالَ الْإِسْلَامِ وَاسْتَحَقَّ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وبمحمد رسولا

الصفحة 88