كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 4)

رَيْحَانَةَ وَالَّذِي كَبِرَ هُوَ سَفِينَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَدِيثَهَ هَذَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ بَلْ ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(باب اسْتِحْبَابِ افاضة الماء على الرأس وغيره ثلاثا)
فيه (سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ) هُوَ بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَاتِ وَهُوَ مَصْرُوفٌ وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَقَوْلُهُ (تَمَارَوْا فِي الْغُسْلِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ تَنَازَعُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ صِفَتُهُ كَذَا وَقَالَ آخَرُونَ كَذَا وَفِيهِ جَوَازُ الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُبَاحَثَةِ فِي الْعِلْمِ وَفِيهِ جَوَازُ مُنَاظَرَةِ الْمَفْضُولِينَ بِحَضْرَةِ الْفَاضِلِ وَمُنَاظَرَةِ الْأَصْحَابِ بِحَضْرَةِ إِمَامِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُفِيضُ عَلَى رأسي ثلاث أكف) المراد ثلاث حَفَنَاتٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ جَمِيعًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ إِفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ ثَلَاثًا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَلْحَقَ بِهِ أَصْحَابُنَا سَائِرَ الْبَدَنِ قِيَاسًا عَلَى الرَّأْسِ وَعَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَهُوَ أَوْلَى بِالثَّلَاثِ مِنَ الْوُضُوءِ فَإِنَّ الْوُضُوءَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَيَتَكَرَّرُ فَإِذَا اسْتُحِبَّ فِيهِ الثَّلَاثُ فَفِي الْغُسْلِ أَوْلَى وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا إِلَّا مَا انْفَرَدَ بِهِ الْإِمَامُ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ صَاحِبُ الْحَاوِي مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُ قَالَ لَا يُسْتَحَبُّ التَّكْرَارُ فِي الْغُسْلِ وَهَذَا شَاذٌّ مَتْرُوكٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْبَابِ قَبْلَهُ بَيَانُ أَقَلِّ الغسل

الصفحة 9