كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 5)
إِنَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ الْعِشَاءُ وَإِنَّهَا تُعْتِمُ بِحِلَابِ الْإِبِلِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْرَابَ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِكَوْنِهِمْ يُعْتِمُونَ بِحِلَابِ الْإِبِلِ أَيْ يُؤَخِّرُونَهُ إِلَى شِدَّةِ الظَّلَامِ وَإِنَّمَا اسْمُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ الْعِشَاءُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ بَعْدِ صلاة العشاء فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تُسَمُّوهَا الْعِشَاءَ وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَسْمِيَتُهَا بِالْعَتَمَةِ كَحَدِيثِ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصُّبْحِ وَالْعَتَمَةِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اسْتُعْمِلَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْعَتَمَةِ لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَالثَّانِي يَحْتَمِلُ أَنَّهُ خُوطِبَ بِالْعَتَمَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعِشَاءَ فَخُوطِبَ بِمَا يَعْرِفُهُ وَاسْتَعْمَلَ لَفْظَ الْعَتَمَةِ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا كَانُوا يُطْلِقُونَ الْعِشَاءَ عَلَى الْمَغْرِبِ فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ لَا يَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمُ الْمَغْرِبِ قَالَ وَتَقُولُ الْأَعْرَابُ الْعِشَاءُ فَلَوْ قَالَ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ لَتَوَهَّمُوا أَنَّ الْمُرَادَ الْمَغْرِبُ والله أعلم
(باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها)
وهو التغليس وبيان قدر القراءة فيها
[645] قَوْلُهُ إِنَّ نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ صُورَتُهُ صُورَةُ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ وَتَقْدِيرِهِ فَقِيلَ تَقْدِيرُهُ نِسَاءُ الْأَنْفُسِ الْمُؤْمِنَاتِ وَقِيلَ نِسَاءُ الْجَمَاعَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ وَقِيلَ إِنَّ نِسَاءَ هُنَا بِمَعْنَى الْفَاضِلَاتِ أَيْ فَاضِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ كَمَا يُقَالُ رِجَالُ القوم أي فضلاؤهم ومقدموهم قوله قَوْلُهُ مُتَلَفِّعَاتٌ هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَ الْفَاءِ أَيْ مُتَجَلِّلَاتٌ وَمُتَلَفِّفَاتٌ قَوْلُهُ بِمُرُوطِهِنَّ أَيْ بِأَكْسِيَتِهِنَّ واحدها
الصفحة 143