كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 5)

لَنَا طَهُورًا احْتَجَّ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى مَالِكٌ وَأَبُو حنيفة رحمهما الله تعالى وغيرهما ممن يجوز التَّيَمُّمَ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَاحْتَجَّ بِالثَّانِيَةِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالتُّرِابِ خَاصَّةً وَحَمَلُوا ذَلِكَ الْمُطْلَقَ عَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ وقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدًا مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا إِنَّمَا أُبِيحَ لَهُمُ الصَّلَوَاتُ فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ كَالْبَيْعِ وَالْكَنَائِسِ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا كَانُوا لَا يُصَلُّونَ إِلَّا فِيمَا تَيَقَّنُوا طَهَارَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ وَخَصَصْنَا نَحْنُ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ إِلَّا مَا تَيَقَّنَّا نَجَاسَتُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ هِيَ الشَّفَاعَةُ الْعَامَّةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَحْشَرِ بِفَزَعِ الْخَلَائِقِ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الشَّفَاعَةَ فِي الْخَاصَّةِ جُعِلَتْ لِغَيْرِهِ أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ الْمُرَادُ شَفَاعَةٌ لَا تُرَدُّ قَالَ وَقَدْ تَكُونُ شَفَاعَتُهُ لِخُرُوجِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ من ايمان من النار لان الشفاعة التي جَاءَتْ لِغَيْرِهِ إِنَّمَا جَاءَتْ قَبْلَ هَذَا وَهَذِهِ مُخْتَصَّةٌ بِهِ كَشَفَاعَةِ الْمَحْشَرِ وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بَيَانُ أَنْوَاعِ شَفَاعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[522] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا وَذَكَرَ خَصْلَةً أُخْرَى قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمَذْكُورُ هُنَا خَصْلَتَانِ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْأَرْضِ فِي كَوْنِهَا مَسْجِدًا وَطَهُورًا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَمَحْذُوفَةٌ هُنَا ذَكَرَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَالِكٍ الرَّاوِي هُنَا فِي مُسْلِمِ قَالَ وأوتيت هَذِهِ الْآيَاتُ مِنْ خَوَاتِمِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ

الصفحة 4