كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 6)

يحملونه على الجواز كما سبق بيانه

[896] قَوْلُهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ السُّنَّةُ فِي كُلِّ دُعَاءٍ لِرَفْعِ بَلَاءٍ كَالْقَحْطِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ وَيَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَإِذَا دَعَا لِسُؤَالِ شَيْءٍ وَتَحْصِيلِهِ جَعَلَ بَطْنَ كَفَّيْهِ إلى السماء احتجوا بِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ يُوهِمُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يرفع ص إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ قد ثبت رفع يديه ص فِي الدُّعَاءِ فِي مَوَاطِنَ غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَقَدْ جَمَعْتُ مِنْهَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا مِنَ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أحدهما وذكرتها فِي أَوَاخِرِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعِ الرَّفْعَ الْبَلِيغَ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ أَرَهُ رَفَعَ وَقَدْ رَآهُ غَيْرُهُ رَفَعَ فَيُقَدَّمُ الْمُثْبِتُونَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهُمْ جَمَاعَاتٌ عَلَى وَاحِدٍ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ وَفِي الطَّرِيقِ الثَّانِي عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ قَتَادَةَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ أَنَسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ قَتَادَةَ مُدَلِّسٌ وَأَنَّ الْمُدَلِّسَ لَا يُحْتَجُّ بِعَنْعَنَتِهِ حَتَّى يَثْبُتَ سَمَاعُهُ ذَلِكَ الحديث

الصفحة 190