كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 7)

فِي الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ

[1035] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ) شَبَّهَهُ فِي الرَّغْبَةِ فِيهِ وَالْمَيْلِ إِلَيْهِ وَحِرْصِ النُّفُوسِ عَلَيْهِ بِالْفَاكِهَةِ الْخَضْرَاءِ الْحُلْوَةِ الْمُسْتَلَذَّةِ فَإِنَّ الْأَخْضَرَ مَرْغُوبُ فِيهِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَالْحُلْوَ كَذَلِكَ عَلَى انْفِرَادِهِ فَاجْتِمَاعُهُمَا أَشَدُّ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى عَدَمِ بقائه لأن الخضروات لَا تَبْقَى وَلَا تُرَادُ لِلْبَقَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ إِشْرَافُ النَّفْسِ تَطَلُّعُهَا إِلَيْهِ وَتَعَرُّضُهَا لَهُ وَطَمَعُهَا فِيهِ وَأَمَّا طِيبُ النَّفْسِ فَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِ احْتِمَالَيْنِ أَظْهَرَهُمَا أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْآخِذِ وَمَعْنَاهُ مَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ سُؤَالٍ وَلَا إِشْرَافٍ وَتَطَلُّعٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الدَّافِعِ وَمَعْنَاهُ مَنْ أَخَذَهُ مِمَّنْ يَدْفَعُ مُنْشَرِحًا بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ طَيِّبَ النَّفْسِ لَا بِسُؤَالٍ اضْطَرَّهُ إِلَيْهِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا تَطِيبُ مَعَهُ نَفْسُ الدَّافِعِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ فَقِيلَ هُوَ الَّذِي بِهِ دَاءٌ لَا يَشْبَعُ بِسَبَبِهِ وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ بِالْبَهِيمَةِ الرَّاعِيَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ الْحَثُّ عَلَى التَّعَفُّفِ وَالْقَنَاعَةِ وَالرِّضَا بِمَا تَيَسَّرَ فِي عَفَافٍ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَالْإِجْمَالِ فِي الْكَسْبِ وَأَنَّهُ لَا يَغْتَرُّ الْإِنْسَانُ بِكَثْرَةِ مَا يَحْصُلُ لَهُ بِإِشْرَافٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى يَمْحَقُ الله الربا ويربى الصدقات

[1036] قوله صلى الله عليه وسلم (يا بن آدم

الصفحة 126