كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 7)
ثُمَّ أَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيَهَا) فِيهِ تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صَدَقَةِ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّدَقَةُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهِيَ تَعُمُّ النَّوْعَيْنِ وَلَمْ يَقُلِ الزَّكَاةُ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْوَرَعِ لِأَنَّ هَذِهِ التَّمْرَةَ لَا تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ لَكِنَّ الْوَرَعَ تَرْكُهَا قَوْلُهُ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا) فِيهِ اسْتِعْمَالُ الْوَرَعِ كَمَا سَبَقَ وَفِيهِ أَنَّ التَّمْرَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ مُحَقَّرَاتِ الْأَمْوَالِ لَا يَجِبُ تَعْرِيفُهَا بَلْ يُبَاحُ أَكْلُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَرَكَهَا خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَا لِكَوْنِهَا لُقَطَةً وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَلَّلَهُ أصحابنا وغيرهم
الصفحة 177