كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 7)

وَخَالِدٌ وَالْعَبَّاسُ لَمْ تَكُنْ زَكَاةً إِنَّمَا كَانَتْ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَذَكَرَ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ النَّاسَ إِلَى الصَّدَقَةِ وَذَكَرَ تَمَامَ الحديث قال بن الْقَصَّارِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ أَلْيَقُ بِالْقِصَّةِ فَلَا يُظَنُّ بِالصَّحَابَةِ مَنْعُ الْوَاجِبِ وَعَلَى هَذَا فَعُذْرُ خَالِدٍ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَا بَقِيَ لَهُ مَالٌ يَحْتَمِلُ المواساة بصدقة التطوع ويكون بن جَمِيلٍ شَحَّ بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَعَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْعَبَّاسِ هِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا أَيْ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ إِذَا طُلِبَتْ مِنْهُ هَذَا كلام بن الْقَصَّارِ وَقَالَ الْقَاضِي لَكِنَّ ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهَا فِي الزَّكَاةِ لِقَوْلِهِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَإِنَّمَا كَانَ يَبْعَثُ فِي الْفَرِيضَةِ قُلْتُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي الزَّكَاةِ لَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَعَلَى هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا) مَعْنَاهُ أَنِّي تَسَلَّفْتُ مِنْهُ زَكَاةَ عَامَيْنِ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يُجَوِّزُونَ تَعْجِيلَ الزَّكَاةِ مَعْنَاهُ أَنَا أُؤَدِّيهَا عَنْهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَهَا عَنِ الْعَبَّاسِ إِلَى وَقْتِ يَسَارِهِ مِنْ أَجْلِ حَاجَتِهِ إِلَيْهَا وَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَجَّلْتُهَا مِنْهُ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ إِنَّا تَعَجَّلْنَا مِنْهُ صَدَقَةَ عَامَيْنِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ) أَيْ مِثْلُ أَبِيهِ وَفِيهِ تَعْظِيمُ حَقِّ الْعَمِّ

(باب زَكَاةِ الفطر)
[984] قَوْلُهُ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى الناس صاعا

الصفحة 57