كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 8)
إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ نِصْفَ صَاعٍ طَعَامًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَفِي رِوَايَةٍ (قَالَ هَلْ عِنْدَكَ نُسُكٌ قَالَ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مسكينين صاع) هذه روايات الباب وكلها متفقة فِي الْمَعْنَى وَمَقْصُودُهَا أَنَّ مَنِ احْتَاجَ إِلَى حَلْقِ الرَّأْسِ لِضَرَرٍ مِنْ قَمْلٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَهُ حَلْقُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ من صيام أو صدقة أو نسك وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصِّيَامَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالصَّدَقَةَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَالنُّسُكَ شَاةٌ وهي شاة تجزيء فِي الْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ إِنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ وَالْأَحَادِيثَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَهَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ هَلْ عِنْدَكَ نُسُكٌ قَالَ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أن الصوم لا يجزئ إِلَّا لِعَادِمِ الْهَدْيِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَأَلَ عَنِ النُّسُكِ فَإِنْ وَجَدَهُ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ وَإِنْ عَدِمَهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ وَاتَّفَقَ جماهير الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ أَنَّ نِصْفَ الصَّاعِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إِنَّمَا هُوَ فِي الْحِنْطَةِ فَأَمَّا التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ وَغَيْرُهُمَا فَيَجِبُ صَاعٌ لكل مسكين وهذا خلاف نصفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رِوَايَةُ أَنَّهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ يَجِبُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُنَابِذٌ لِلسُّنَّةِ مَرْدُودٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ
الصفحة 121