كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 9)

بْنِ مُوسَى عَنْ جَرِيرٍ كِلَاهُمَا عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَحَصَلَ اخْتِلَافٌ ظَاهِرٌ بَيْنَ الْحُفَّاظِ فِي ذِكْرِ أَبِيهِ فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَفْسِهِ فَرَوَاهُ تَارَةً كَذَا وَتَارَةً كَذَا وَسَمَاعُهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[1341] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ مَعَهَا مَحْرَمٌ لَمْ تَبْقَ خَلْوَةٌ فَتَقْدِيرُ الْحَدِيثِ لَا يَقْعُدَنَّ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَحْرَمًا لَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَحْرَمًا لَهَا أوله وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا مَحْرَمٌ لَهَا كَابْنِهَا وَأَخِيهَا وَأُمِّهَا وَأُخْتِهَا أَوْ يَكُونَ مَحْرَمًا لَهُ كَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ فَيَجُوزُ الْقُعُودُ مَعَهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ ثُمَّ إِنَّ الْحَدِيثَ مَخْصُوصٌ أَيْضًا بِالزَّوْجِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهَا زَوْجُهَا كَانَ كَالْمَحْرَمِ وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ وَأَمَّا إِذَا خَلَا الْأَجْنَبِيُّ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ غَيْرِ ثَالِثٍ مَعَهُمَا فَهُوَ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُمَا مَنْ لَا يُسْتَحَى مِنْهُ لِصِغَرِهِ كَابْنِ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ وُجُودَهُ كَالْعَدَمِ وَكَذَا لَوِ اجْتَمَعَ رِجَالٌ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِخِلَافِ مَا لَوِ اجْتَمَعَ رَجُلٌ بِنِسْوَةٍ أَجَانِبَ فَإِنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُهُ وَقَدْ أَوْضَحْتُ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِالْأَمْرَدِ الْأَجْنَبِيِّ الْحَسَنِ كَالْمَرْأَةِ فَتَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِهِ حَيْثُ حَرُمَتْ بِالْمَرْأَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ فِي جَمْعٍ مِنَ الرِّجَالِ الْمَصُونَيْنَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا فَرْقَ فِي تَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ حَيْثُ حَرَّمْنَاهَا بَيْنَ الْخَلْوَةِ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ بِأَنْ يَجِدَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً مُنْقَطِعَةً فِي الطَّرِيقِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَيُبَاحُ لَهُ اسْتِصْحَابُهَا بَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إِذَا خَافَ عَلَيْهَا لَوْ تَرَكَهَا وَهَذَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خرجت

الصفحة 109