كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 9)
أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ) قَالَ بن شِهَابٍ وَكَانَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعْنَى قَوْلِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الناس يوم الحج الأكبر فَفَعَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ هَذَا الْأَذَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بِإِذْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْلِ الْأَذَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَيَّنَ لَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْمَنَاسِكِ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِيَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فَقِيلَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَهَذَا خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَقِيلَ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ لِلِاحْتِرَازِ مِنَ الْحَجِّ الْأَصْغَرِ وَهُوَ الْعُمْرَةُ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ الْحَجُّ عَرَفَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ) مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الحرام بعد عامهم هذا والمراد بالمسجد الحرام ها هنا الْحَرَمُ كُلُّهُ فَلَا يُمَكَّنُ مُشْرِكٌ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ بِحَالٍ حَتَّى لَوْ جَاءَ فِي رِسَالَةٍ أَوْ أَمْرٍ مُهِمٍّ لَا يُمَكَّنُ مِنَ الدُّخُولِ بَلْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ مَنْ يَقْضِي الْأَمْرَ الْمُتَعَلِّقَ بِهِ وَلَوْ دَخَلَ خُفْيَةً وَمَرِضَ وَمَاتَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ مِنَ الْحَرَمِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ) هَذَا إِبْطَالٌ لِمَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ عُرَاةً وَاسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ يُشْتَرَطُ لَهُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الصفحة 116
240