كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 9)
ذَلِكَ وَكَرِهَهُ وَهُوَ غَلَطٌ وَسَبَقَ بَيَانُ إِبْطَالِهِ وَفِيهِ الرَّمْيُ رَاكِبًا كَمَا سَبَقَ وَفِيهِ جَوَازُ تَظْلِيلِ الْمُحْرِمِ عَلَى رَأْسِهِ بِثَوْبٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ نَازِلًا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ فَعَلَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أنه لافدية وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ تَحْتَ خَيْمَةٍ أَوْ سَقْفٍ جَازَ وَوَافَقُونَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا كان الزمان يسيرا في المحمل لافدية وَكَذَا لَوِ اسْتَظَلَّ بِيَدِهِ وَقَدْ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ صَحِبْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَا رَأَيْتُهُ مُضْرِبًا فُسْطَاطًا حَتَّى رَجَعَ رواه الشافعي والبيهقي بإسناد حسن وعن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَبْصَرَ رَجُلًا عَلَى بَعِيرِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَدِ اسْتَظَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ فَقَالَ أضْحِ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ مُحْرِمٍ يُضْحِي لِلشَّمْسِ حَتَّى تَغْرُبَ إِلَّا غَرَبَتْ بِذُنُوبِهِ حَتَّى يَعُودَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ أُمِّ الحصين وهذا المذكور في مسلم ولأنه لَا يُسَمَّى لُبْسًا وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرْنَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ وكذا فعل عمر وقول بن عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ وَلَوْ كَانَ فَحَدِيثُ أُمِّ الْحُصَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهَا (سَمِعَتْهُ يَقُولُ إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ حَسِبْتُهَا قَالَتْ أَسْوَدُ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) الْمُجَدَّعُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ والجدع الْقَطْعُ مِنْ أَصْلِ الْعُضْوِ وَمَقْصُودُهُ التَّنْبِيهُ عَلَى نِهَايَةِ خِسَّتِهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ خَسِيسٌ فِي الْعَادَةِ ثُمَّ سَوَادُهُ نَقْصٌ آخَرُ وَجَدْعُهُ نَقْصٌ آخَرُ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ وَمَنْ هَذِهِ الصِّفَاتُ مَجْمُوعَةٌ فِيهِ فَهُوَ فِي نِهَايَةِ الْخِسَّةِ وَالْعَادَةُ أَنْ يَكُونَ مُمْتَهَنًا فِي أَرْذَلِ الْأَعْمَالِ فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الصفحة 46
240