كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 9)
مَرْدُودٌ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ وَمَذْهَبُنَا الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَلْقَ أَوِ التَّقْصِيرَ نُسُكٌ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِمَا لَا يَحْصُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَّا بِهِ وَبِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ شَاذٌّ ضَعِيفٌ أَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَلَيْسَ بِنُسُكٍ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَأَقَلُّ مَا يُجْزِي مِنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رُبُعُ الرَّأْسِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ نِصْفُ الرَّأْسِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ أَكْثَرُ الرَّأْسِ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ أَنَّهُ كُلُّ الرَّأْسِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْأَفْضَلَ حَلْقُ جَمِيعِهِ أَوْ تَقْصِيرُ جَمِيعِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ فِي التَّقْصِيرِ عَنْ قَدْرِ الْأُنْمُلَةِ مِنْ أَطْرَافِ الشَّعْرِ فَإِنْ قَصَّرَ دُونَهَا جَازَ لِحُصُولِ اسْمِ التَّقْصِيرِ وَالْمَشْرُوعُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ وَيُكْرَهُ لَهُنَّ الْحَلْقُ فَلَوْ حَلَقْنَ حَصَلَ النُّسُكُ وَيَقُومُ مَقَامَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ النَّتْفُ وَالْإِحْرَاقُ وَالْقَصُّ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ إِزَالَةِ الشَّعْرِ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ وَدُعَاؤُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا ثُمَّ لِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً كُلُّ هَذَا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ هَذَا كَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ أَمَرَهُمْ بِالْحَلْقِ فَمَا فَعَلَهُ أَحَدٌ لِطَمَعِهِمْ بِدُخُولِ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وذكر عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ حَلَقَ رِجَالٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَصَّرَ آخَرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمْ بِالتَّرَحُّمِ قَالَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يشكوا قال بن عبد البر
الصفحة 50
240