كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 11)

فَفِيهِ اشْتِرَاطُ التَّقَابُضِ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِالرِّبَوِيِّ إِذَا اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا سَوَاءٌ اتَّفَقَ جِنْسُهُمَا كَذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَمِ اخْتَلَفَ كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ وَنَبَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمُخْتَلِفِ الْجِنْسِ عَلَى مُتَّفِقِهِ وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُ مَالِكٍ بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ عَقِبَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ أَخَّرَهُ عَنِ الْعَقْدِ وَقَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ وَمَذْهَبُنَا صِحَّةُ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنِ الْعَقْدِ يوما أو أياما واكثر مالم يَتَفَرَّقَا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرَادَ أَنْ يُصَارِفَ صَاحِبَ الذَّهَبِ فَيَأْخُذَ الذَّهَبَ وَيُؤَخِّرَ دَفْعَ الدَّرَاهِمِ إِلَى مَجِيءِ الْخَادِمِ فَإِنَّمَا قَالَهُ لِأَنَّهُ ظَنَّ جَوَازَهُ كَسَائِرِ الْبِيَاعَاتِ وَمَا كَانَ بلغة حكم المسألة فأبلغه اياه عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَتَرَكَ الْمُصَارَفَةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[1587] (الْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ) فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ هَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ صِنْفَانِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَفُقَهَاءِ الْمُحَدِّثِينَ وَآخَرِينَ وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمُعْظَمُ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ إِنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَسَعِيدٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ السَّلَفِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الدَّخَنَ صِنْفٌ وَالذُّرَةَ صِنْفٌ والارز صنف الا الليث بن سعد وبن وهب فقالا هذه الثلاثة صنف وَاحِدٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى) مَعْنَاهُ فَقَدْ فَعَلَ الرِّبَا الْمُحَرَّمَ فَدَافِعُ الزِّيَادَةِ وَآخُذُهَا عَاصِيَانِ مُرْبِيَانِ قَوْلُهُ (فَرَدَّ النَّاسُ) مَا أَخَذُوا هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ قَوْلُهُ (أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ لَنُحَدِّثَنَّ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَرِهَ مُعَاوِيَةُ) أو قَالَ وَإِنْ رَغِمَ يُقَالُ رَغِمَ

الصفحة 13