كتاب شرح النووي على مسلم (اسم الجزء: 12)

فِي ذَلِكَ وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَبِي قَتَادَةَ فَإِنَّهُ سَمَّاهُ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ مَنْقَبَةٌ جَلِيلَةٌ مِنْ مَنَاقِبِهِ وَفِيهِ أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ يُعْطِيكَ سَلَبَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ) أَمَّا بَنُو سَلِمَةَ فَبِكَسْرِ اللَّامِ وَأَمَّا الْمَخْرَفُ فَبِفَتْحِ الميم والراء وهذا هوالمشهور وَقَالَ الْقَاضِي رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ كَالْمَسْجِدِ وَالْمَسْكِنِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْمُرَادُ بِالْمَخْرَفِ هُنَا الْبُسْتَانُ وَقِيلَ السِّكَّةُ مِنَ النَّخْلِ تَكُونُ صَفَّيْنِ يُخْرِفُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ أَيْ يَجْتَنِي وَقَالَ بن وَهْبٍ هِيَ الْجُنَيْنَةُ الصَّغِيرَةُ وَقَالَ غَيْرُهُ هِيَ نَخَلَاتٌ يَسِيرَةٌ وَأَمَّا الْمِخْرَفُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ فَهُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ مَا يُجْتَنَى مِنَ الثِّمَارِ وَيُقَالُ اخْتَرَفَ الثَّمَرَ إِذَا جَنَاهُ وَهُوَ ثَمَرٌ مَخْرُوفٌ قَوْلُهُ (فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ) هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَ الْأَلِفِ أَيِ اقْتَنَيْتُهُ وَتَأَصَّلْتُهُ وَأَثَلَةُ الشَّيْءِ أَصْلُهُ قَوْلُهُ (لَا تُعْطِهِ أُضَيْبِعَ مِنْ قُرَيْشٍ) قَالَ الْقَاضِي اخْتَلَفَ رُوَاةُ كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَرْفِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا رِوَايَةُ السَّمَرْقَنْدِيِّ أُصَيْبِغَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّانِي رِوَايَةُ سائر الرواة أضييع بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهِ رُوَاةُ الْبُخَارِيِّ فَعَلَى الثَّانِي هُوَ تَصْغِيرُ ضَبْعٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَأَنَّهُ لَمَّا وَصَفَ أبا قتادة بأنه أسد صغر هَذَا بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ وَشَبَّهَهُ بِالضُّبَيْعِ لِضَعْفِ افْتِرَاسِهَا وَمَا تُوصَفُ بِهِ مِنَ الْعَجْزِ وَالْحُمْقِ وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَوَصْفَهُ بِهِ لِتَغَيُّرِ لَوْنِهِ وَقِيلَ حَقَّرَهُ وَذَمَّهُ بِسَوَادِ لَوْنِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَاحِبُ لَوْنٍ غَيْرِ مَحْمُودٍ وَقِيلَ وَصَفَهُ بِالْمَهَانَةِ وَالضَّعْفِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْأُصَيْبِغُ نَوْعٌ

الصفحة 61